اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 16
العلم ويلتمس تلك الحظوة لديهم حتى كان ذلك سبب سجنه وحتفه ، فوقع عكس ما
كان يؤمله ، وما لم يخطر له ببال ، وهذا ما تكشف عنه الحكايات المذكورة في مصارد
ترجمته ، إذا صحت تلك الحكايات. فقد ذكر صاحب روضات الجنات أنه كان في مبدأ أمره
حدادا ، فعمل بيده محبرة صغيرة من الحديد ، وجعل لها قفلا عجيبا ، ولم يزد وزن تلك
المحبرة وقفلها قيراطا واحدا ، فأهداها إلى ملك زمانه ، ولما رآه الملك وندماء
مجلسه الرفيع لم يزيدوا على ترحيب الرجل على صنعته ، فاتفق أنه كان واقفا في
الحضور إذ دخل رجل آخر ، فقام الملك احتراما لذلك الرجل ، وأجلسه مقامه ، فسأل عنه
السكاكي ، فقيل له : إنه من جملة العلماء ، فتفكر السكاكي في نفسه : أنه لو كان من
هذه الطائفة لكان بلغ ما كان يطلبه من الفضل والشرف والقبول ، وخرج من ساعته إلى
المدرسة لتحصيل العلوم ، وكان إذ ذاك قد ذهب من عمره ثلاثون سنة [١] ...".
فاتجه للدرس
وتحصيل العلم ، وتذكر المصادر في هذا المجال أنه لقى في بدء تعليمه مشقة كبيرة
وعنتا عظيما في الفهم والأخذ عن أساتذته حتى إنه ترك المدرسة وأساتيذة ، إلا أنه
عاود الدرس مرة ثانية فأفلح بعد أن أجهد نفسه ، فكان أن أحسن العلوم وألف فيها
وذاع صيته ، وأصبح علما من أعلام عصره ورجال فنه وعلمه ، وتفنن في علوم شتى وعانى
مواد مختلفة ، فمن جملة ما عانى النجوم وعلومها ، ولإتقانه العلوم وشهرته بها قامت
له صلات مع حكام زمانه ، وكان من جملة علماء السلطان خوارزمشاه ، وقد التقى به ،
وقامت معرفة العلم مقام الصلة بينهما [٢]. كما أن السكاكي بسبب تفننه في هذه العلوم وقع في كيد
الوزير" حبش عميد" وزير" جغتاي خان ابن جنكيز خان" وذلك
لقراءة طالع ، وعمل قام به السكاكي ، فحقد عليه هذا الوزير ، الأمر الذي سبب حبس
السكاكي [٣]
ويذكر صاحب
الفوائد البهية أن (حبش عميد) وزير (جغتاي خان بن جنكيز خان) لم يزل يسعى لدى
جغتاي في حبس السكاكي وإغراء السلطان به حتى حبسه ومات في حبسه ، قال صاحب الفوائد
: فوجد" حبش عميد" موقع السعاية وقال لجغتاي : لما كان قادرا على إيجاد
مثل هذه الأمور فلا عجب منه لو انتزع