اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 141
الباب الثاني
في الفاعل
اعلم أن العامل
إما أن يكون لفظا أو معنى. واللفظ إما أن يكون اسما أو فعلا أو حرفا ، فينحصر
العامل في أربعة أنواع كما ترى ، ومن حكم كثير من أصحابنا أن الفعل في الألفاظ أصل
في العمل دون الاسم والحرف ، بناء منهم ذلك على أن المؤثر يلزم أن يكون أقوى من
المتأثر ، والفعل أقوى الأنواع من حيث المناسبة لكونه أكثر فائدة ، لدلالته على
المصدر وعلى الزمان. وعندهم في تقريرهم هذا أن الاسم والحرف لا يعملان إلا
بتقويهما به ، فيقدمون الفعل في باب العمل. ولنا في تقرير حكمهم هذا طريق غير ما
حكينا عنهم فليطلب من كتابنا" شرح الجمل [١] " وعسى أن نشير إليه في خاتمة الكتاب. وإذ قد
ساعدناهم في تقرير حكمهم هذا ، فلنساعدهم في البداءة به ، فليكن النوع الأول.
اعلم أن الفعل
عمله الرفع والنصب فقط ، أما الرفع فلفاعله. وهو ما يسند إليه مقدما عليه ،
والإسناد هو تركيب الكلمتين أو ما جرى مجراهما على وجه يفيد السامع كنحو : عرف زيد
، ويسمى هذا جملة فعلية ، أو زيد عارف أو زيد أبوه عارف ، ويسمى هذا جملة اسمية ،
وإن تكرمني أكرمك ، وإن كان متى زرتك فهو السبب لرؤيتك ، فمتى لم أزرك لم أرك ،
ويسمى هذا جملة شرطية ، أو في الدار أو أمامك بمعنى حصل فيها ، ويسمى هذا جملة
ظرفية دون : نحو عارف زيد ، إذا أضفت ، أو زيد العارف ، إذا وصفت ، فإنك لا تفيد.
والعلم بجميع ذلك بديهي ، وهو الذي منع أن نحد الفائدة فيما نحن بصدده ، والأصل فيه
أن يلي الفعل. فإذا قدم عليه غيره كان في نية المؤخر ، ومن ثمة جاز : ضرب غلامه
زيد ، وامتنع عند الجمهور سوى الإمام ابن جني :
[١] كتاب الجمل لعبد
القاهر الجرجاني ، صاحب أسرار البلاغة ، ودلائل الإعجاز ، توفى عام ١٤٧١ ه ، وشرح
السكاكى غير موجود (البلاغة عند السكاكى ٦٠ ، وعبد القاهر الجرجاني ٤٣) ويرى
الجرجاني : أن الأفعال أصل في العمل ، فلذا قدم القول فيها في (الجمل ١٣).
اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 141