اسم الکتاب : كتاب الإقتراح في علم أصول النحو المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 52
فصل
[فى الاستدلال بكلام
الرسول صلّى الله عليه وسلّم]
وأما كلامه
صلّى الله عليه وسلّم ، فيستدل منه بما ثبت أنه قاله على اللفظ المروى ، وذلك نادر
جدا ، إنما يوجد فى الأحاديث القصار على قلة أيضا ، فإن غالب الأحاديث مروى
بالمعنى ، وقد تداولتها الأعاجم والمولدون قبل تدوينها ، فرووها بما أدت إليه
عبارتهم ، فزادوا ونقصوا ، وقدموا وأخروا ، وأبدلوا ألفاظا بألفاظ ، ولهذا ترى
الحديث الواحد فى القصة الواحدة مرويّا على أوجه شتى ، بعبارات مختلفة ، ومن ثم
أنكر على ابن مالك إثباته القواعد النحوية بالألفاظ الواردة فى الحديث.
قال أبو حيان
فى شرح التسهيل [١] : قد أكثر هذا المصنف من الاستدلال بما وقع فى الأحاديث
على إثبات القواعد الكلية فى لسان العرب وما رأيت أحدا من المتقدمين والمتأخرين
سلك هذه الطريقة غيره ، على أن الواضعين الأولين لعلم النحو المستقرئين للأحكام من
لسان العرب كأبى عمرو بن العلاء ، وعيسى بن عمرو ، والخليل ، وسيبويه ، من أئمة
البصريين ، والكسائى ، والفرّاء ، وعلى ابن مبارك الأحمر ، وهشام الضرير ، من أئمة
الكوفيين لم يفعلوا ذلك ، وتبعهم على هذا المسلك المتأخرون من الفريقين ، وغيرهم
من نحاة الأقاليم كنحاة بغداد وأهل الأندلس ، وقد جرى الكلام فى ذلك مع بعض
المتأخرين الأذكياء فقال : إنما ترك العلماء ذلك لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ الرسول
صلّى الله عليه وسلّم إذ لو وثقوا بذلك ، لجرى مجرى القرآن فى إثبات القواعد
الكلية ، وإنما كان ذلك لأمرين :