ودياجير الظلمة ، فكانت عاملا قويا من عوامل الرقيّ والتقدم ، والنهوض في
الدولة الإسلامية إلى يومنا هذا».
نعم ، كل من
يقترب من شخصية الخليل وفكره وعلمه يحسّ إحساسا قويا بعظمة الرجل وتأثيره في كل من
حوله سلوكا وعلما ، بعقليته الناضجة الواعية الدقيقة الخلاقة المبدعة ، ورجل بمثل
هذه العقلية ليس كثيرا عليه أن يكون مصدر علم النحو في البصرة والكوفة ، وكذلك لا
يعجزه وضع مصطلحات هذا العلم ، فإذا كان قد اكتشف علمي العروض والقافية دون سابق
تمهيد ، ألا يكون قادرا على وضع مصطلحات لعلم النحو؟!
من أين
للكوفيين وضع مصطلحات تؤصل علم النحو ، مع أنهم لم يعرفوا النحو إلا بعد أن راج
وانتشر في البصرة «أجل فلم تعرف الكوفة قبل عصر الخليل نحوا ولا صرفا ، ولم يكن
بها أحد من النحاة ، وظلت البصرة مستأثرة بالعلماء دون غيرها ، ليس في النحو فحسب
، وإنما في كل فن ، إلى أن انتقل منها إلى الكوفة عبد الرحمن التميمي المتوفى سنة
١٦٤ ه وسكن الكوفة ، ونشر فيها علم النحو ، وبذر بذوره» [١].
في نهاية الأمر
لا نستطيع إلا أن نعترف بأهمية مصطلحات الخليل التي وضعها هو وأخذها عنه تلاميذه ،
فقد استفاد الخليل من علم من سبقوه دون أن يتركوا شيئا مكتوبا ولهذا يبقى للخليل
أسبقية استخدام المصطلحات ووضعها على الصورة التي عرضناها.