اسم الکتاب : الممتع في التّصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 16
باب
تمييز ما يدخله
التصريف مما لا يدخله
اعلم أنّ
التصريف لا يدخل في أربعة أشياء ، وهي : الأسماء الأعجميّة التي عجمتها شخصيّة ،
كـ «إسماعيل» ونحوه ؛ لأنها نقلت من لغة قوم ليس حكمها كحكم هذه اللغة ، والأصوات
كـ «غاق» ونحوه ؛ لأنها حكاية ما يصوّت به ، وليس لها أصل معلوم ، والحروف ، وما
شبّه بها من الأسماء المتوغّلة في البناء ، نحو «من» و «ما» ؛ لأنها ـ لافتقارها ـ
بمنزلة جزء من الكلمة التي تدخل عليها ، فكما أنّ جزء الكلمة ، الذي هو حرف الهجاء
، لا يدخله تصريف فكذلك ما هو بمنزلته.
وقد جاء بعض
الكلمات المبنيّة مشتقّا ، نحو «قطّ» ؛ لأنها من «قططت» أي : قطعت ، لأنّ قولك «ما
فعلته قطّ» معناه : فيما انقطع من عمري ، وكذلك «ذا» و «ذي» و «الذي» ونحو ذلك ،
مما يدخله التحقير ، ويستعمل استعمال المتصرّف ، وليس ذلك بالكثير ، وكلما كان
الاسم من شبه الحرف أقرب كان من التصريف أبعد.
وممّا يدلّك
على أنّ الحرف لا يدخله تصريف ، وجود «ما» و «لا» ونحوهما من الحروف ؛ ألا ترى أنّ
الألف لا تكون فيهما منقلبة ، كالألف التي في «عصا» و «رحى» ؛ لأنها لو كان أصلها
واوا أو ياء لظهرتا لسكونهما ، كما ظهرتا في نحو «كي» و «أي» و «لو» ، فلو كان أصل
ألف «ما» واوا لقلت «مو» كـ «لو» ، ولو كان ياء لقلت «مي» كـ «كي» ؛ لأنّ حرف
العلّة إنما كان يقلب لو كان متحرّكا ، وقبله مفتوح.
فإن قيل :
فهلّا قدّرت الألف في «ما» وأشباهها ، منقلبة من حرف علّة متحرّك؟
فالجواب : أنّ
ذلك لا يمكن تقديره ؛ لأنّ «ما» حرف مبنيّ ، والحروف لا تبنى إلّا على السكون ،
ولا يحرّك آخرها إلّا عند التقاء الساكنين نحو «ثمّ» ، أو إذا كان على حرف واحد
نحو واو العطف وفائه ، وليس شيء من ذلك في «ما» ، ولا يمكن أن تكون الألف في «ما»
وأمثالها زائدة ؛ لأنه إنما تعرف الزيادة من غيرها ، بالاشتقاق والتصريف وسائر
الأدلّة التي تذكر بعد ، إن شاء الله ، ولا يوجد شيء من ذلك في الحرف.
وما عدا ما ذكر
، من الأسماء العربيّة ، والأفعال ، يدخله التصريف.
اسم الکتاب : الممتع في التّصريف المؤلف : ابن عصفور الجزء : 1 صفحة : 16