responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 92

قد كنت تأمننى والجدب دونكم

فكيف أنت إذا رقش الجراد نزا [١]

ومثله أيضا ما رويناه عنه [عنه] أيضا ، من قول الآخر :

قوم إذا اخضرّت نعالهم

يتناهقون تناهق الحمر [٢]

قالوا فى تفسيره : إن النعال جمع نعل وهى الحرّة ، أى إذا اخضرّت الأرض بطروا ، وأشروا ، فنزا بعضهم على بعض.

وبنحو من هذا فسر أيضا قول النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا ابتلّت النعال فالصلاة فى الرحال» [٣] أى إذا ابتلت الحرار. ومن هذا اللفظ والمعنى ما حكاه أبو زيد من قولهم : «المعزى تبهى ولا تبنى». فـ «تبهى» تفعل من البهو ، أى تتقافز على البيوت من الصوف ، فتخرقها فتتسع الفواصل من الشعر ، فيتباعد ما بينها ، حتى يكون فى سعة البهو. «ولا تبنى» ، أى لا ثلّة لها وهى الصوف ، فهى لا يجزّ منها الصوف ، ثم ينسجونه ، ثم يبنون منه بيتا. هكذا فسّره أبو زيد.

قال : ويقال أبنيت الرجل بيتا ، إذا أعطيته ما يبنى منه بيتا.

ومن هذا قولهم : قد بنى فلان بأهله [٤] ؛ وذلك أن الرجل كان إذا أراد الدخول


[١] قوله : «نزا» كان ينبغى تأنيث الفعل فيقول : نزت ، ولكنه نظر إلى المضاف إليه وهو الجراد ، ونزو الجراد كناية عن الخصب وكثرة المزدرع. (نجار).

[٢] انظر المخصص ص ١٧٩ ج ١ وفيه بعد البيت : «واخضرار النعل من اخضرار الأرض». وفى هذا ميل إلى أن النعل : ما يلبس فى الرجل ، والكلام كناية عن الخصب (نجار). قلت : فالنعل على هذا مجاز مرسل علاقته المحلية من حيث كون الأرض محلا للنعال.

[٣]ذكره الحافظ فى «التلخيص» ، (٢ / ٣١) ، وقال : «لم أره بهذا اللفظ ... وذكره ابن الأثير فى «النهاية» كذلك ، وقال الشيخ تاج الدين الفزارى فى الإقليد : «لم أجده فى الأصول ، وإنما ذكره «أهل العربية ...».

[٤] أى هو على المجاز كقولهم (اخضرت النّعال) والمقصود اخضرت الأرض الموطوءة بالنعال ، فهو مجاز مرسل علاقته المحلية ، وكذلك فى قولهم (بنى بأهله) والأصل بناء بيت أهله ، ولكن لما كان الأهل هم حالّو البيت والمقيمون به علّق البناء بهم علاقة المجاز المحلية. واعلم أن ذلك كله من المجاز الذى تنوسى بشيوع استعماله حتى أشبه الحقيقة ولحق بها ، وذلك لفقده شرط المجاز ، وهو الغرابة والإثارة. فتأمل ؛ إذ لا يستشعر القارئ غرابة ولا جمالا فنيا فى نحو ما ذكرنا آنفا. وهذا مما يخطئ فيه كثير من الدارسين الذين يطبقون قواعد البلاغة بلا نظر ولا تذوق.

اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 92
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست