قالوا فى
تفسيره : إن النعال جمع نعل وهى الحرّة ، أى إذا اخضرّت الأرض بطروا ، وأشروا ،
فنزا بعضهم على بعض.
وبنحو من هذا
فسر أيضا قول النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «إذا ابتلّت النعال فالصلاة فى الرحال» [٣] أى إذا ابتلت الحرار. ومن هذا اللفظ والمعنى ما حكاه
أبو زيد من قولهم : «المعزى تبهى ولا تبنى». فـ «تبهى» تفعل من البهو ، أى تتقافز
على البيوت من الصوف ، فتخرقها فتتسع الفواصل من الشعر ، فيتباعد ما بينها ، حتى
يكون فى سعة البهو. «ولا تبنى» ، أى لا ثلّة لها وهى الصوف ، فهى لا يجزّ منها
الصوف ، ثم ينسجونه ، ثم يبنون منه بيتا. هكذا فسّره أبو زيد.
قال : ويقال
أبنيت الرجل بيتا ، إذا أعطيته ما يبنى منه بيتا.
ومن هذا قولهم
: قد بنى فلان بأهله [٤] ؛ وذلك أن الرجل كان إذا أراد الدخول
[١] قوله : «نزا» كان
ينبغى تأنيث الفعل فيقول : نزت ، ولكنه نظر إلى المضاف إليه وهو الجراد ، ونزو
الجراد كناية عن الخصب وكثرة المزدرع. (نجار).
[٢] انظر المخصص ص
١٧٩ ج ١ وفيه بعد البيت : «واخضرار النعل من اخضرار الأرض». وفى هذا ميل إلى أن
النعل : ما يلبس فى الرجل ، والكلام كناية عن الخصب (نجار). قلت : فالنعل على هذا
مجاز مرسل علاقته المحلية من حيث كون الأرض محلا للنعال.
[٣]ذكره الحافظ فى «التلخيص»
، (٢ / ٣١) ، وقال : «لم أره بهذا اللفظ ... وذكره ابن الأثير فى «النهاية» كذلك ،
وقال الشيخ تاج الدين الفزارى فى الإقليد : «لم أجده فى الأصول ، وإنما ذكره «أهل
العربية ...».
[٤] أى هو على المجاز
كقولهم (اخضرت النّعال) والمقصود اخضرت الأرض الموطوءة بالنعال ، فهو مجاز مرسل
علاقته المحلية ، وكذلك فى قولهم (بنى بأهله) والأصل بناء بيت أهله ، ولكن لما كان
الأهل هم حالّو البيت والمقيمون به علّق البناء بهم علاقة المجاز المحلية. واعلم
أن ذلك كله من المجاز الذى تنوسى بشيوع استعماله حتى أشبه الحقيقة ولحق بها ، وذلك
لفقده شرط المجاز ، وهو الغرابة والإثارة. فتأمل ؛ إذ لا يستشعر القارئ غرابة ولا
جمالا فنيا فى نحو ما ذكرنا آنفا. وهذا مما يخطئ فيه كثير من الدارسين الذين
يطبقون قواعد البلاغة بلا نظر ولا تذوق.