responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 507

أفعال الطلب ، كذلك تبعت حروف الأصل الحروف الزائدة التى وضعت للالتماس والمسألة. وذلك نحو استخرج ، واستقدم ، واستوهب ، واستمنح ، واستعطى ، واستدنى. فهذا على سمت الصنعة التى تقدّمت فى رأى الخليل وسيبويه ؛ إلا أن هذه أغمض من تلك. غير أنها وإن كانت كذلك فإنها منقولة عنها ، ومعقودة عليها. ومن وجد مقالا قال به وإن لم يسبق إليه غيره. فكيف به إذا تبع العلماء فيه ، وتلاهم على تمثيل معانيه.

ومن ذلك أنهم جعلوا تكرير العين فى المثال دليلا على تكرير الفعل ، فقالوا : كسّر ، وقطّع ، وفتّح ، وغلّق. وذلك أنهم لمّا جعلوا الألفاظ دليلة المعانى فأقوى اللفظ ينبغى أن يقابل به قوّة الفعل ، والعين أقوى من الفاء واللام ، وذلك لأنها واسطة لهما ، ومكنوفة بهما ؛ فصارا كأنهما سياج لها ، ومبذولان للعوارض دونها.

ولذلك تجد الإعلال بالحذف فيهما دونها. فأمّا حذف الفاء ففى المصادر من باب وعد ؛ نحو العدة ، والزنة ، والطدة ، والتدة ، والهبة ، والإبة. وأما اللام فنحو اليد ، والدم ، والفم ، والأب ، والأخ ، والسنة ، والمائة ، والفئة. وقلّما تجد الحذف فى العين.

فلمّا كانت الأفعال دليلة المعانى كرروا أقواها ، وجعلوه دليلا على قوّة المعنى المحدّث به ، وهو تكرير الفعل ؛ كما جعلوا تقطيعه فى نحو صرصر وحقحق دليلا على تقطيعه. ولم يكونوا ليضعّفوا الفاء ولا اللام لكراهية التضعيف فى أول الكلمة ، والإشفاق على الحرف المضعّف أن يجيء فى آخرها ، وهو مكان الحذف وموضع الإعلال ، وهم قد أرادوا تحصين الحرف الدالّ على قوة الفعل. فهذا أيضا من مساوقة الصيغة للمعانى.

وقد أتبعوا اللام فى باب المبالغة العين ؛ وذلك إذا كررت العين معها فى نحو دمكمك وصمحمح وعركرك [١] وعصبصب وغشمشم ؛ والموضع فى ذلك للعين وإنما ضامّتها اللام هنا تبعا لها ولاحقة بها ؛ ألا ترى إلى ما جاء عنهم للمبالغة من نحو اخلولق ، واعشوشب ، واغدودن ، واحمومى ، واذلولى ، واقطوطى ، وكذلك


[١] يقال بعير عركرك : قوى غليظ.

اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 507
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست