responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 499

باب فى تصاقب الألفاظ لتصاقب المعانى

هذا غور من العربية لا ينتصف منه ولا يكاد يحاط به. وأكثر كلام العرب عليه ، وإن كان غفلا مسهوّا عنه. وهو على أضرب :

منها اقتراب الأصلين الثلاثيين ؛ كضيّاط وضيطار ، ولوقة وألوقة ، ورخو ورخودّ ، وينجوج وألنجوج. وقد مضى ذكر ذلك.

ومنها اقتراب الأصلين ، ثلاثيّا أحدهما ، ورباعيّا صاحبه ، أو رباعيّا أحدهما ، وخماسيّا صاحبه ؛ كدمث ودمثر ، وسبط وسبطر ، ولؤلؤ ولآل ، والضبغطى والضبغطرى. ومنه قوله :

* قد دردبت والشيخ دردبيس [١] *

وقد مضى هذا [أيضا].

ومنها التقديم والتأخير على ما قلنا فى الباب الذى قبل هذا فى تقليب الأصول ؛ نحو (ك ل م) و (ك م ل) و (م ك ل) ونحو ذلك. وهذا كلّه والحروف واحدة غير متجاورة. لكن من وراء هذا ضرب غيره ، وهو أن تتقارب الحروف لتقارب المعانى. وهذا باب واسع.

من ذلك قول الله سبحانه : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) [مريم : ٨٣] أى تزعجهم وتقلقهم. فهذا فى معنى تهزّهم هزّا ، والهمزة أخت الهاء ؛ فتقارب اللفظان لتقارب المعنيين. وكأنهم خصّوا هذا المعنى بالهمزة لأنها أقوى من الهاء ، وهذا المعنى أعظم فى النفوس من الهزّ ؛ لأنك قد تهزّ ما لا بال له ؛ كالجذع وساق الشجرة ، ونحو ذلك.

(ومنه العسف والأسف ؛ والعين أخت الهمزة كما أن الأسف يعسف النفس وينال منها ، والهمزة أقوى من العين ؛ كما أن أسف النفس أغلظ من [التردّد] بالعسف. فقد ترى تصاقب اللفظين لتصاقب المعنيين).


[١] سبق تخريجه.

اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 499
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست