ومنها التقديم
والتأخير على ما قلنا فى الباب الذى قبل هذا فى تقليب الأصول ؛ نحو (ك ل م) و (ك م
ل) و (م ك ل) ونحو ذلك. وهذا كلّه والحروف واحدة غير متجاورة. لكن من وراء هذا ضرب
غيره ، وهو أن تتقارب الحروف لتقارب المعانى. وهذا باب واسع.
من ذلك قول
الله سبحانه : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا
أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) [مريم : ٨٣] أى تزعجهم وتقلقهم. فهذا فى معنى تهزّهم هزّا ، والهمزة أخت
الهاء ؛ فتقارب اللفظان لتقارب المعنيين. وكأنهم خصّوا هذا المعنى بالهمزة لأنها
أقوى من الهاء ، وهذا المعنى أعظم فى النفوس من الهزّ ؛ لأنك قد تهزّ ما لا بال له
؛ كالجذع وساق الشجرة ، ونحو ذلك.
(ومنه العسف
والأسف ؛ والعين أخت الهمزة كما أن الأسف يعسف النفس وينال منها ، والهمزة أقوى من
العين ؛ كما أن أسف النفس أغلظ من [التردّد] بالعسف. فقد ترى تصاقب اللفظين لتصاقب
المعنيين).