responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 442

باب فى الأصلين

(يتقاربان فى التركيب بالتقديم والتأخير)

اعلم أن كل لفظين وجد فيهما تقديم وتأخير فأمكن أن يكونا جميعا أصلين ليس أحدهما مقلوبا عن صاحبه فهو القياس الذى لا يجوز غيره. وإن لم يمكن ذلك حكمت بأن أحدهما مقلوب عن صاحبه ، ثم أريت أيّهما الأصل ، وأيّهما الفرع. وسنذكر وجوه ذلك.

فممّا تركيباه أصلان لا قلب فيهما قولهم : جذب ، وجبذ ؛ ليس أحدهما مقلوبا عن صاحبه. وذلك أنهما جميعا يتصرّفان تصرّفا واحدا ؛ نحو جذب يجذب جذبا فهو جاذب ، والمفعول مجذوب ، وجبذ يجبذ جبذا فهو جابذ ، والمفعول مجبوذ.

فإن جعلت مع هذا أحدهما أصلا لصاحبه فسد ذلك ؛ لأنك لو فعلته لم يكن أحدهما أسعد بهذه الحال من الآخر. فإذا وقفت الحال بينهما ولم يؤثر بالمزيّة أحدهما وجب أن يتوازيا وأن يمثلا بصفحتيهما معا. وكذلك ما هذه سبيله.

فإن قصر أحدهما عن تصرّف صاحبه ولم يساوه فيه كان أوسعهما تصرّفا أصلا لصاحبه. وذلك كقولهم أنى الشىء يأنى ، وآن يئين. فآن مقلوب عن أنى.

والدليل على ذلك وجودك مصدر أنى يأنى وهو الإنى ، ولا تجد لآن مصدرا ؛ كذا قال الأصمعىّ. فأمّا الأين فليس من هذا فى شيء ، إنما الأين : الإعياء والتعب.

فلمّا عدم من (آن) المصدر الذى هو أصل للفعل ، علم أنه مقلوب عن أنى يأنى إنّى ؛ قال الله تعالى (إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) [الأحزاب : ٥٣] أى بلوغه وإدراكه. قال أبو على : ومنه سمّوا الإناء ؛ لأنه لا يستعمل إلا بعد بلوغه حظّه من خرزه أو صياغته أو نجارته أو نحو ذلك. غير أن أبا زيد قد حكى لآن مصدرا ، وهو الأين. فإن كان الأمر كذلك فهما إذا أصلان متساويان ، وليس أحدهما أصلا لصاحبه.

ومثل ذلك [فى القلب] قولهم (أيست من كذا) فهو مقلوب من (يئست) لأمرين ، ذكر أبو على أحدهما ؛ وهو ما ذهب إليه من أن (أيست) لا مصدر له ،

اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 442
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست