responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 226

فإن قلت : فمن أين لنا فى علامات التأنيث ما يكون معنى لا لفظا؟ قيل : إذا قام الدليل لم يلزم النظير. وأيضا فإن التاء فى هذا وإن لم تكن للتأنيث فإنها بدل خصّ التأنيث ، والبدل وإن كان كالأصل لأنه بدل منه فإن له أيضا شبها بالزائد من موضع آخر ، وهو كونه غير أصل ، كما أن الزائد غير أصل ؛ ألا ترى إلى ما حكاه عن أبى الخطّاب من قول بعضهم فى راية : راءة بالهمز ، كيف شبّه ألف راية ـ وإن كانت بدلا من العين ـ بالألف الزائدة ، فهمز اللام بعدها ، كما يهمزها بعد الزائدة فى نحو سقاء ، وقضاء. وأمّا قول أبى عمر [١] : إن التاء فى كلتى زائدة ، وإنّ مثال الكلمة بها (فعتل) فمردود عند أصحابنا ؛ لما قد ذكر فى معناه من قولهم : إن التاء لا تزاد حشوا إلا فى (افتعل) وما تصرّف منه ، [و] لغير ذلك ، غير أنى قد وجدت لهذا القول نحوا ونظيرا. وذلك فيما حكاه الأصمعىّ من قولهم للرجل القوّاد : الكلتبان ، وقال مع ذلك : هو من الكلب ، وهو القيادة. فقد ترى التاء على هذا زائدة حشوا ، ووزنه فعتلان. ففى هذا شيئان : أحدهما التسديد من قول أبى عمر ، والآخر إثبات مثال فائت للكتاب. وأمثل ما يصرف إليه ذلك أن يكون الكلب ثلاثيّا ، والكلتبان رباعيّا ؛ كزرم [٢] وازرأمّ ، وضفد [٣] ، واضفأدّ ، وكزغّب الفرخ وازلغبّ ، ونحو ذلك من الأصلين الثلاثيّ والرباعىّ ، المتداخلين. وهذا غور عرض ، فقلنا فيه ولنعد.

ومن ذلك أن يرد اللفظان عن العالم متضادّين على غير هذا الوجه. وهو أن يحكم فى شيء بحكم ما ، ثم يحكم فيه نفسه بضدّه ، غير أنه لم يعلّل أحد القولين. فينبغى حينئذ أن ينظر إلى الأليق بالمذهب ، والأجرى على قوانينه ، فيجعل هو المراد المعتزم منهما ، ويتأوّل الآخر إن أمكن.

وذلك كقوله : حتّى الناصبة للفعل ، وقد تكرر من قوله أنها حرف من حروف الجرّ ، وهذا ناف لكونها ناصبة له ، من حيث كانت عوامل الأسماء لا تباشر


[١]هو صالح بن إسحاق أبو عمر الجرمىّ البصرىّ. قال الخطيب : كان فقيها عالما بالنحو واللغة أخذ النحو عن الأخفش ويونس ، واللغة عن الأصمعى وأبى عبيدة ، ومات سنة ٢٢٥ ، انظر البغية ٢ / ٨. وانظر اللسان (كلو).

[٢] زرم دمعه وبوله وكلامه وازرأمّ : انقطع.

[٣] ضفد الرجل واضفأدّ : صار كثير اللحم ثقيلا مع حمق. اللسان (ضفد).

اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 226
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست