وجماعه أن
علّته ضعيفة غير مستحكمة ؛ إلا أنّ فيه ضربا من الاتّساع والتصرّف.
من ذلك تركك
الأخفّ إلى الأثقل من غير ضرورة ؛ نحو قولهم : الفتوى ، والبقوى ، والتقوى ،
والشروى ، ونحو ذلك ؛ ألا ترى أنهم قلبوا الياء هنا واوا من غير استحكام علّة أكثر
من أنهم أرادوا الفرق بين الاسم والصفة. وهذه ليست علّة معتدّة ؛ ألا تعلم كيف
يشارك الاسم الصفة فى أشياء كثيرة لا يوجبون على أنفسهم الفرق بينهما فيها. من ذلك
قولهم فى تكسير حسن : حسان ، فهذا كجبل وجبال ؛ وقالوا : فرس ورد ، وخيل ورد ؛
فهذا كسقف ، وسقف. وقالوا : رجل غفور ، وقوم غفر ، وفخور وفخر ؛ فهذا كعمود وعمد.
وقالوا : جمل بازل ، وإبل بوازل ، وشغل شاغل ، وأشغال شواغل ؛ فهذا كغارب وغوارب ،
وكاهل وكواهل. ولسنا ندفع أن يكونوا قد فصلوا بين الاسم والصفة فى أشياء غير هذه ؛
إلا أن جميع ذلك إنما هو استحسان لا عن ضرورة علّة ، وليس بجار مجرى رفع الفاعل ،
ونصب المفعول ؛ ألا ترى أنه لو كان الفرق بينهما واجبا لجاء فى جميع الباب ؛ كما
أن رفع الفاعل ونصب المفعول منقاد فى جميع الباب.
[١] الاستحسان من
مصطلح أصول الفقه. والاستحسان : هو ترك القياس والأخذ بما هو أرفق للناس.
التعريفات ص ١٩.
[٢]البيت من البسيط
، وهو للنابغة الجعدى فى ديوانه ص ١٠٦ ، وأدب الكاتب ص ٢٨ ، وأمالى القالى ٢ / ٢٢٨
، وجمهرة اللغة ص ٦٦٦ ، وسمط اللآلى ص ٨٥٠ ، ولسان العرب (أول) ، وتاج العروس (أول)
، والمعانى الكبير ص ٨٨٣ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ١ / ١٥٨ ، والمحتسب ٢ / ٢٧. ويروى
: كفّ بدلا من : قفّ. والرعن : أول كل شيء ، والقف : حجارة بعضها فوق بعض ، وهو
جبل غير أنه ليس بطويل فى السماء. والآل : السراب.