responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 100

باب ذكر علل العربية أكلامية هى أم فقهية [١]؟

اعلم أن علل النحويين ـ وأعنى بذلك حذّاقهم المتقنين لا ألفافهم [٢] المستضعفين ـ أقرب إلى علل المتكلمين ، منها إلى علل المتفقهين. وذلك أنهم إنما يحيلون على الحسّ ، ويحتجّون فيه بثقل الحال أو خفّتها على النفس ؛ وليس كذلك حديث علل الفقه. وذلك أنها إنما هى أعلام ، وأمارات ، لوقوع الأحكام ، ووجوه الحكمة فيها خفيّة عنا ، غير بادية الصفحة [٣] لنا ؛ ألا ترى أن ترتيب مناسك الحج ، وفرائض الطهور ، والصلاة ، والطلاق ، وغير ذلك ، إنما يرجع فى وجوبه إلى ورود الأمر بعمله ، ولا تعرف علة جعل الصلوات فى اليوم والليلة خمسا دون غيرها من العدد ، ولا يعلم أيضا حال الحكمة والمصلحة فى عدد الركعات ، ولا فى اختلاف ما فيها من التسبيح والتلاوات ؛ إلى غير ذلك مما يطول ذكره ، ولا تحلى [٤] النفس بمعرفة السبب الذى كان له ومن أجله ؛ وليس كذلك علل النحويين. وسأذكر طرفا من ذلك لتصحّ الحال به.


[١] لما كان هم أبى الفتح فى هذا الكتاب إبداء حكمة العرب وسداد مقاصدهم فيما أتوا فى لغتهم ، وكان ذلك بإبداء العلل لسننهم وخططهم فى تأليف لسانهم أخذ نفسه فى تقوية العلل التى تنسب إلى أفعالهم وتحمل عليهم ؛ وهو ما يقوم به النحويون. وكان من دواعى ذلك أن اشتهر بين الناس ضعف علل النحاة ؛ فهذا ابن فارس يقول:

مرّت بنا هيفاء مجدولة

تركية تنمى لتركى

ترنو بطرف فاتر فاتن

أضعف من حجة نحويّ

انظر وفيات ابن خلكان ص ٣٦ ج ١ فى ترجمة ابن فارس. (نجار).

[٢] يقال جاء القوم بلفّهم ولفّتهم ولفيفهم أى بجماعتهم وأخلاطهم ؛ وجاء لفهم ولفّهم ولفيفهم كذلك ، واللفيف : القوم يجتمعون من قبائل شتى ليس أصلهم واحدا ... ، واللفيف الجمع العظيم من أخلاط شتّى فيهم الشريف والدنىء والمطيع والعاصى والقوى والضعيف. اللسان (لفف).

[٣] الصفحة : الجنب والجانب ، وهو كناية عن الظهور والوضوح.

[٤] أى لا تظفر ، يقال : حليت من فلان بخير : أصبته وأدركته ، ومن ذلك قولهم : ما حليت من هذا الأمر بطائل ، وهو من باب علم.

اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : أبو الفتح عثمان بن جنّي    الجزء : 1  صفحة : 100
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست