وأما حق سائسك بالملك : فنحو من سائسك
بالسلطان إلاّ إن هذا يملك ما لا يملكه ذاك ، تلزمك طاعته فيما دق وجل منك إلاّ أن
يخرجك من وجوب حق اللّه. ويحول بينك وبين حقه وحقوق الخلق ، فاذا قضيته رجعت إلى
حقه فتشاغلت به. ولا قوة إلاّ باللّه [١].
٥ ـ حقوق الرعية
أ
ـ الرعيّة بالسلطان :
فأما حقوق رعيتك بالسلطان : فأن تعلم
أنك إنما استرعيتهم بفضل قوتك عليهم ، فإنه إنما أحلهم محل الرعيّة لك ضعفهم
وذلّهم ، فما أولى من كفاكه ضعفه وذله حتى صيره لك رعيّة ، وصير حكمك عليه نافذا ،
لا يمتنع منك بعزة ولا قوة ، ولا يستنصر فيما تعاظمه منك ـ إلاّ باللّه ـ بالرحمة
والحياطة والأناة. وما أولاك إذا ما عرفت ما أعطاك اللّه من فضل هذه العزة والقوة
التي قهرت بها أن تكون للّه شاكرا ، ومن شكر اللّه أعطاه فيما أنعم عليه. ولا قوة
إلاّ باللّه [٢].
ب
ـ الرعية بالعلم :
وأما حق رعيتك بالعلم : فأن تعلم أن
اللّه قد جعلك لهم خازنا فيما
[١] وفي رواية أخرى :
فاما حق سائسك بالملك فان تطيعه ولا تعصيه إلاّ فيما يسخط اللّه عز وجل ، فانه لا
طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
[٢] وفي رواية : وأما
حق رعيتك بالسلطان فان تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك ، فيجب أن تعدل فيهم
وتكون لهم كالوالد الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ولا تعاجلهم بالعقوبة وتشكر اللّه عز
وجل على ما أولاك ، وعلى ما آتاك من القوة عليهم.