اسم الکتاب : آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها المؤلف : الفارابي، أبو نصر الجزء : 1 صفحة : 63
وهذه تجانس الموجودات الهيولانية ، وذلك
أن لها موضوعات تشبه المواد الموضوعة لحمل الصور (وأشياء هي لها كالصور ، بها
تتجوهر) وقوام تلك الأشياء في تلك الموضوعات. إلا أن صورها لا يمكن أن يكون لها
أضداد. وموضوع كل واحد منها لا يمكن أن يكون قابلا لغير تلك الصورة ، ولا يمكن أن
يكون خلوا منها. ولأن موضوعات صورها لا عدم فيها ، بوجه من الوجوه ، ولا لصورها
أعدام تقابلها ، فصارت موضوعاتها لا تعوق صورها أن تعقل وأن تكون عقولا بذواتها [١].
فإذن كل واحد من هذه بصورته عقل بالفعل
، وهو يعقل بها ذات المفارق الذي عنه وجود ذلك الجسم ، ويعقل الأول. وليس جميع ما
يعقل من ذاته عقلا ، لأنه يعقل موضوعه؛ وموضوعه ليس بعقل؛ وإذا كان ليس يعقل
بموضوعه وإنما يعقل بصورته ففيه معقول ليس يعقل ، فهو يعقل كل ما به تجوهره وتصويره
، يعني أن تجوهره بصورة وموضوع؛ وبهذا يفارق الأول والعشرة المتخلصة من الهيولى ومن
كل موضوع. ويشاركه الانسان في المادة [٢].
فهو أيضا مغتبط بذاته ليس بما يعقل من
ذاته فقط ، ولكن بما يعقل من الأول ، ثم بما يعقل من ذات المفارق الذي عنه وجوده. ويشارك
المفارق في عشقه للأول وباعجابه بنفسه بما استفاد من بهاء
[١] إن الأجسام
السماوية تشبه الأجسام الهيولانية في العالم السفلي ، إذ لكل منها صورة ومادة.
[٢] صورة الجسم
السماوي عقل بالفعل يعقل الأول والثاني المفارق المقابل والجسم السماوي المؤلف من
صورة وموضوع.
اسم الکتاب : آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها المؤلف : الفارابي، أبو نصر الجزء : 1 صفحة : 63