اسم الکتاب : آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها المؤلف : الفارابي، أبو نصر الجزء : 1 صفحة : 48
الباب الثامن
القول في مراتب الموجودات
الموجودات كثيرة ، وهي مع كثرتها
متفاضلة. وجوهره جوهر يفيض منه كل وجود (كيف كان ذلك الوجود) ، كان كاملا أو
ناقصا. وجوهره أيضا جوهر ، إذا فاضت منه الموجودات كلها بترتيب مراتبها ، حصل عنه
لكل موجود قسطه الذي له من الوجود ومرتبته منه. فيبتدئ من أكملها وجودا ثم يتلوه
ما هو أنقص منه قليلا ، ثم لا يزال بعد ذلك يتلو الأنقص إلى أن ينتهي إلى الموجود
الذي إن تخطى عنه إلى ما دونه تخطى إلى ما لم يمكن أن يوجد أصلا ، فتنقطع
الموجودات من الوجود. وبان جوهره جوهرا تفيض منه الموجودات من غير أن يخص بوجود
دون وجوده. فهو جواد ، وجوده هو في جوهره ، ويترتب عنه الموجودات ، ويتحصل لكل
موجود قسطه من الوجود بحسب رتبته عنه. فهو عدل ، وعدالته في جوهره ، وليس ذلك لشيء
خارج عن جوهره [١]