اسم الکتاب : آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها المؤلف : الفارابي، أبو نصر الجزء : 1 صفحة : 111
ثم يتفاوت هؤلاء
تفاوتا كثيرا : فمنهم من يقبل الجزئيات ويراها في اليقظة فقط ولا يقبل المعقولات؛
ومنهم من يقبل المعقولات ويراها في اليقظة ، ولا يقبل الجزئيات؛ ومنهم من يقبل
بعضها ويراها دون بعض؛ ومنهم من يرى شيئا في يقظته ولا يقبل بعض هذه في نومه؛ ومنهم
من لا يقبل شيئا في يقظته ، بل إنما يقبل ما يقبل في نومه فقط ، فيقبل في نومه
الجزئيات ولا يقبل المعقولات ، ومنهم من يقبل شيئا من هذه وشيئا من هذه؛ ومنهم من
يقبل شيئا من الجزئيات فقط؛ وعلى هذا يوجد الأكثر. والناس أيضا يتفاضلون في هذا [١].
وكل هذه معاونة للقوة الناطقة. وقد تعرض
عوارض يتغيّر بها مزاج الانسان ، فيصير بذلك معدا لأن يقبل عن العقل الفعّال بعض
هذه في وقت اليقظة أحيانا ، وفي النوم أحيانا. فبعضهم يبقى ذلك فيهم زمانا ، وبعضهم
إلى وقت ما ثم يزول. وقد تعرض أيضا للانسان عوارض ، فيفسد بها مزاجه وتفسد
تخاييله؛ فيرى أشياء مما تركبه القوة المتخيلة على تلك الوجوه مما ليس لها وجود ،
ولا هي محاكاة لموجود. وهؤلاء الممرورون والمجانين وأشباههم [٢].
[١] تفاوت الناس في
قبول ما يفيض على مخيلتهم من العقل الفعّال.
[٢] قد تفسد المتخيلة
فتركب أشياء ليس لها وجود وليست محاكاة لموجود كما هو حال المجانين والممرورين.
اسم الکتاب : آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها المؤلف : الفارابي، أبو نصر الجزء : 1 صفحة : 111