يا أخي ، ألا اُخبرك
بشيء سمعته البارحة؟ قال لها : «وما ذاك يا أختاه؟». فقالت : إنّي خرجت البارحة في
بعض حاجة ، فسمعت هاتفاً يقول :
ألا يا عينُ فاحتفلي بجهدِ
ومَنْ يبكي على الشهداء بعدي
على قومٍ تسوقهمُ المنايا
بمقدارٍ إلى إنجازِ وعدِ
فقال لها الحسين (عليه السّلام) : «يا
أختاه ، كلّ ما قضى الله فهو كائن». قالوا : وسار الحسين (عليه السّلام) من
الخزيميّة يريد الثعلبية ، فمرّ في طريقه بزرود.
وبعدها وافى زرودَ وبها
وافاه ناعي مسلمٍ ينعى الحجى
تنفّسَ الحسينُ ثَمَّ الصُعدا
ودمعهُ على ابن عمّه همى
(زرود) : بفتح الزاء ، والزرد : البلع. ولعلها سُمّيت بذلك
لابتلاعها الماء التي تمطرها السحائب ؛ لأنّها رمال. قال البكري : زرود : بفتح
أوّله وبالدال المهملة في آخره ، وقال ابن دريد : زرود : جبل رمل ، وهو محدود في
رسم عالج ، وفي رسم الوقيظ ، وهو ٨ين ديار بني عبس وديار بني يربوع ، متصل
بجدود. قال أبو دؤاد :
اللسان ، وقوّة
الجنان. مثال الزهد والورع ، مثال العفاف والشهامة ، إنّ في ذلك لعبرة. وفاتها قيل
: سنة ٦٣ ، وقيل : ٦٥ ، كما اختلف أرباب التاريخ في قبرها ؛ فمنهم من ذكر أنّها في
الشام في قرية (راوية) حيث المزار اليوم والمشهد المشهور ، يختلف إليه الزوّار من
المسلمين لزيارتها من قديم الأحقاب. والقرية التي فيها القبر الماثل اليوم تُسمّى
باسمها (قرية الست زينب) ، وقال آخرون ، ولا أشك أنّه هو الصحيح : إنّ هذا الذي
بدمشق هو قبر شقيقتها اُمّ كلثوم (زينب الصغرى) بنت الإمام علي (عليه السّلام) ، وأمّا
زينب الكبرى فمرقدها في مصر ، مشهد معلوم يُزار ويُتبرك به كما حقّقه المؤرّخون. وقد
أُلّفت كتب عديدة في سيرتها وترجمتها ، وآخر ما ظهر كتاب (بطلة كربلاء) للفاضلة
بنت الشاطئ ، إذ قالت في خاتمة كتابها : بطلة استطاعت أن تثأر لأخيها الشهيد
العظيم ، وأن تسلّط معاول الهدم على دولة بني اُميّة ، وأن تغيّر مجرى التاريخ.
[١]انظر معجم ما
استعجم ـ البكري / ٤٣٦ ، اللحاء : موضع. والطلح : شجر من العضاة. وأبال : موضع
قريب من أراطى.