في طريقه إلى كربلا ،
فهي لا شك من قرى سواد العراق ، أي حدّ العراق من الغرب ، ومنها سار الحسين إلى
الرهيمة فوافاها.
ومُذ أتى عينَ الرُهيمة التقى
بالرجلِ الكوفي في رأدِ الضحى
(الرهيمة) : بلفظ التصغير ، ويجوز أن يكون
تصغير رهمة ، وهي المطرة الضعيفة الدائمة ، وهي ضيعة قرب الكوفة. قال السكوني : هي
عين بعد خفية إذا أردت الشام من الكوفة. بينها وبين خفية ثلاثة أميال ، وبعدها إلى
القطيفة مغرباً. وذكر المتنبّي في مقصورته التي يهجو في آخرها كافو الأخشيدي ، ويعدّد
فيها المنازل التي مرّ عليها في طريقه إلى العراق قوله :
فيا لكَ ليلاً على أعكشِ
أحمّ البلادِ خفيّ الصوى
وردنَ الرهيمةَ في جوزهِ
وباقيهِ أكثرُ ممّا مضى
فزعم قوم أنّ المتنبي أخطأ في قوله (جوزه)
، ثمّ قوله (وباقيه أكثر ممّا مضى) ؛ لأنّ الجوز وسط الشيء. ولتصحيحه تأويل وهو : أنّ
أعكش اسم صحراء ، والرهيمة عين وسطه ، فتكون الهاء في جوزه راجعة إلى أعكش فيصح
المعنى [١].
ذكر محمد بن نما [٢]
أنّ الحسين (عليه السّلام) لمّا وصل إلى الرهيمة لقيه رجل من أهل الكوفة يُقال له
: أبو هُرم ، فقال : يابن رسول الله ، ما الذي أخرجك عن حرم جدّك؟ فقال (عليه
السّلام) : «يا أبا هرم ، إنّ بني اُميّة شتموا عرضي فصبرت ، وأخذوا مالي فصبرت ، وطلبوا
دمي فهربت ، وأيمُ الله ليقتلونني فيلبسهم الله ذلاً شاملاً ، ويريهم سيفاً قاطعاً
، ويسلّط عليهم مَنْ يذلّهم [٣]
حتّى يكونوا أذلّ من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة فحكمت في أموالهم ودمائهم». ورأد
الضحى : أي وقت ارتفاع الشمس وانبساط الضوء. فالحسين (عليه السّلام) سار من
الرهيمة ، وواصل سيره إلى قصر مقاتل فنزل عنده.