بعدما أيقن الحسين (عليه السّلام) ، أنَّ
أعداءه لا يَتناهون عن مُنكر في سبيل النَّكال والنِّكاية به ، استعدَّ لدفاع
الطوارئ عن أهله ، ورحله وانتظار قتله ، لكنَّما وجد مُعسكره في أجرد البِقاع عن
مَزايا الدفاع ، وكان مع العدوِّ رِجالة سوء مِن أسقاط الكوفة ، تَبعوا شِمراً
الضبابي ؛ لطمعهم في الجوائز المُشاعة ، وجَشعهم على بقايا موائد الرؤساء ، وشَوقاً
إلى غَنيمةٍ باردةٍ ، ولا سلاح لدى هؤلاء ، سِوى الحِجارة والجَسارة ؛ فكان يَخشى
منهم على مُعسكر الحسين (عليه السّلام) مِن كلِّ الوجوه ، سيَّما وإنَّ هؤلاء
الأذناب ، لا يلتزمون بما تلتزم به رؤساء القبائل ، مِن آداب العرب ؛ فخرج الحسين
(عليه السّلام) مِن مُعسكره ، يَتخيَّر مَوضعاً مُناسباً للدفاع.
وبعدما سَبَر غَور الوهّاد والأنجاد ، أشرف
على سِلسلةِ هِضاب ، وروابي تُليق حسب مزاياها الطبيعيّة ، أنْ تُتَّخذ للحرم
والخِيَم ، وهذه الروابي والتِّلال مُتدانية على شاكلة الهلال ، وهو المُسمَّى بـ
(الحِير) أو (الحائر) ، لكنَّ هذا الحِصن ، إنَّما يُفيد مَن استغنى عن الخروج
لطلب ماء ،