بعدما تَمكَّن ابن زياد ، مِن إبطال
الحركة الحسينيَّة في داخليَّة الكوفة ، واستأصل جذوره ، وأباد بذوره ، بالوعد
والوعيد ، والسجن والتبعيد ، والفَتك والهَتك ، والتخويف والتوظيف ، واستعماله
السيف والرغيف ، ومزاج الضرب بالضرب ، واطمأنّ مِن داخليَّة الكوفة ، وكسب
الأمنيَّة التامَّة ، عَمد إلى الخارج ، وتَمسَّك بالوسائل الفعّالة ضِدَّ الحسين
(عليه السّلام) ، حينما أُستخبر نزوله في ذات عِرق ، ودخوله العِراق ، وبابه
القادسيَّة (الرحبة) ، فأرسل إليها جيشاً ، عليه الحُصين بن نُمير ، صاحب شرطة
عبيد الله في الكوفة ؛ ليقطع على القادمين مِن الحِجاز طريقهم ؛ ويؤمِّن الضواحي
والنواحي مِن الغارات والثورات ؛ ويَحفظ خطوط المواصلات بين الكوفة والشام ؛ فأمر
أنْ تؤخَذ الطرق بينها وبين واقصة إلى البصرة ، فلا يدعون أحداً يَلِج ، ولا أحداً
يخرُج ، ومَدَّ نِطاق جيشه إلى جذعان (خفَّان) مِن جِهة ، وإلى (القَطقطانيَّة) مِن
الأُخرى ؛ فأحتلها حُصين بجيشه ، وحصّنها ، ثمَّ أرسل إلى العيون والآبار ، التي
على طول طريق الحِجاز ، مَفارز مِن عسكره ؛ إذ القوافل