أمَّا بعد الحمد والصلاة ، فقد حدا بيَّ
إلى تأليف كتابي هذا ، غفلة أكثر الأجانب مِن تاريخ الحركة الحُسينيَّة ، وجهلهم
بخَفاياها ومَزاياها (وهي النَّواة لحركات عالميَّة) ، حتَّى أنَّ بعض الأغيار ؛
إذ وجد هياج العالم ، وحِداد الأُمَم ، ومُظاهرات العرب والعَجم ، اندفع بتأثُّره
العظيم ، قائلاً : ما هذا؟ ولماذا؟ وهل الحسين إلاَّ رجُلٍ خرج على خليفة عصره ، ثمَّ
لمْ يَنجح؟.
نعم ، سنَعرفه ما هذا ولماذا ، ومَن
الحسين الناهض ، ومَن المُعارَض ، وما هي غايات الفريقين ، كلُّ ذلك بهذا الكتاب ،
الذي جمع النظريَّات النفيسة ، مع النظريَّات التاريخيَّة ، إلى المَرويَّات
المُوثَّقة مِن كُتُب التواريخ المُعتبرة المُؤرَّخة قبل سنة أربع مائة هِجريَّة ،
في سَبك وَجيز ، وأُسلوب مُمتاز ، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ
قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ).