شاعت مُبايعة العراق للحسين (عليه
السّلام) بالإمامة ، ففَرِح أولياؤه وأهل الحَرمين ، وتفاءلوا مِن ذلك بعود
الحَقِّ إلى أهله ، عسى أنْ تموت البِدع ، وتحيا السُّنن ، لكنَّ خاصَّة الحسين (عليه
السّلام) بعد الإطلاع على سَفر مسلم إلى الكوفة ، كانوا بين مُحبِّذٍ ومُخطِّيء ، ويُمثِّل
الأخير عبد الله بن عبّاس (رضي الله عنه) ، فجاء إلى الحسين (عليه السّلام) يُحذّره
مِن الرواح إلى العراق ، ويُذكِّره بخُذلانهم أخاه وعصيانهم أباه ، في حين أنَّهم
لم يكونوا يحلمون بإمام كأبي الحسين (عليهما السّلام) ، أشرف الناس ، وأذكاهم ، وأفصحهم
، وأسخاهم وأعلمهم ، وأتقاهم ، يلبس الخشِن ويكسوهم حِلله ، ويبيت طاوياً ويُنفِق
عليهم مأكله ، ويَكدُّ مِن سَعي وسَقي ، ويتصدَّق على الفُقراء ، وإذا شُنَّت
عليهم الغارات ؛ فهو في مُقدِّمة المُدافعين عنهم ، يخوض بنفسه حومة الوغى ، حتَّى
يهزم الجمع ويولّون الدُّبُر ، فأيُّ إمامٍ يكون لهم كعليٍّ (عليه السّلام) ، وكيف
كافئوه وأهله في حياته وبعد وفاته.
نعم ، إنَّ ابن عبّاس كان حَبرَ
الأُمَّة ، ووليَّ الأئمّة ، ربَّاه