ناصب مُعاوية وحِزبه عليَّاً وصَحبه ، وكان
ما كان مِن أيَّام البصرة ، وصِفِّين ، والنَّهروان ، وعليٌّ (عليه السّلام) في
كلِّها غير مَخذول ، ولا يزداد مُعاوية إلاِّ حِقداً عليه ومَوجدة ، وتعقَّب
الضغائن أثر الضغائن ، وكان مُعاوية مَعروفاً بالغَدر حليماً ، إلاَّ على عليٍّ (عليه
السّلام) وخاصَّته.
فلمَّا تُوفِّي أمير المؤمنين ، سنة ٤٠
هجرية بسيف ابن مُلجَم الخارجي ، ساجداً في مِحرابه ، زال مِن بين عينَي مُعاوية
ذلك الشبح الرهيب ، الذي كان يُخيفه في منامه ، وفي خلواته ، وقويت عزائمه
وتوجَّهت شَطره أكثر النفوس ، التي كانت رهن سجايا عليٍّ (عليه السّلام) وعلومه ، ومُنقادةً
لصوته ، وسوطه ، وصِيت شجاعته وسَماحته ، سيَّما وإنَّ الآثار النبويَّة المشهورة
فيه ، كانت لا تُقاس كثرةً وشُهرةً بما في شأن غيره ، والخدمات التي قام بها أبو
الحسن ، كانت قاطعة الألسُن ، فضلاً عن طول عَهد الإمارة لمُعاوية ، وانتشار حزبه
الفعّال ، وتوزيعه الأموال.