إنَّ وضعيَّة الحسين (عليه السّلام) تِجاه
عِداه ، كانت دفاعيَّة وسِلسلة تَحفُّظات وتَحوُّطات ، عن سَفك الدم ، أو هَتك
الحُرَم : مِثل هِجرته عن حَرم الله ورسوله (صلَّى الله عليه وآله) ، ثمُّ
مُصافاته مع الحُرِّ ، والمُحايدة عن طرق الكوفة ، ثمَّ تقديمه ابن سعد لدى ابن
زياد ، للكَفاف عنه ؛ حتَّى يعود مِن حيث أتى ، أو يُغادر إلى ثغور العَجم
والدَّيلم ، ثمَّ طلبه الإفراج عن حِصاره ؛ ليَذهب بنفسه إلى يزيد ؛ يُذاكره في
مَصيره ومَسيره ، ثمَّ تَحصُّنه خَلْفَ الروابي والهِضاب ؛ سِتراً على العائلة مِن
العادية ، ثمَّ مُطالبته السقاية والرواية بواسطة رجاله ، والتَشفُّع لديهم
بأطفاله ، وإيفاد رُسل النصح والسلام إليهم ، وإلقاء الخُطب عليهم ، وإلى غيرها
مِن شواهد مَسلكه الدفاعي الشريف.
لكنَّ عِداه ، تناهوا في خُطط الاعتداء
عليه ، في جميع المَشاهد والمَواقف ، وبرهنوا للمَلأ الإسلامي ، أنَّهم لا يَقصدون
به سِوى التَشفِّي والانتقام ، بكلِّ قَسوة وفظاعة ، وكانت خاتِمة مُدافعته عند
الذَّود عن حياض شرفه بالسلاح ، حينما يَئس ، ولم يَبقَ له في هدايتهم مَطمع ،