إذا وصف القرآن قُربان إبراهيم
بالذَّبْح العظيم ؛ نَظراً لآثاره الباقية في الحَجِّ والإسلام ؛ فإنَّ المُظاهرة
الأخيرة ، التي قام بها الحسين (عليه السّلام) ، أثَّرت تأثيراً عظيماً ، مِن بين
مُجاهداته الأدبيَّة في كَشف حقائق النزعة الأُمويَّة ، وهذه الحادثة الأليمة ، بالرغم
مِن استحقاقها التوسُّع ، فإنَّني لا أستطيع فيها سِوى الإيجاز.
والحسين (عليه السّلام) بعدما خَلا رحله
مِن الماء ، وطال على أهله الضماء ، حتَّى جَفَّت المَراضع ، وشَحَّت المدامع ، تناول
طفله الرضيع واسمه علي أو عبد الله ليُقدِّمه إلى العدوِّ ، وسيلة لرفع الحَجْر عن
الماء ، فأشرف على الأعداء بتلك البيِّنة ، المعصومة مِن أيَّة جانحة أو جارحة ، قائلاً
:
«يا قوم ، إنْ كنَّا في زعمكم مُذنبين ،
فما ذنب هذا الرضيع؟! وقد ترونه يتلظَّى عَطشاً ، وهو طفل لا يعرف الغاية ، ولم
يأت بجِناية ، ويلَكم اسقوه شِربة ماء ، فقد جَفّت مَحالب أُمِّه».
فتلاوم القوم بينهم : بين قائل ، لابُدَّ
مِن إجابة الحسين (عليه