إذا عرفت ذلك
فلندخل في صلب الموضوع ، فنقول : إذا تعلّق النهي بنفس العبادة،فلا شك في اقتضائه
للفساد ، كما في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم: «دعي الصلاة أيام أقرائك» [٢] لأنّ الصحة عبارة عن مطابقة المأتي به للمأمور به ، ومع تعلّق النهي بنفس
العبادة لا يتعلّق بها الأمر لاستلزامه اجتماع الأمر والنهي في متعلّق واحد ، فلا
يصدق كون المأتي به مطابقا للمأمور به لعدم الأمر ، وبالتالي لا يكون مسقطا
للإعادة والقضاء.
وبعبارة أخرى :
انّ الصحة إمّا لأجل وجود الأمر ، أو لوجود الملاك (المحبوبية) وكلا الأمرين
منتفيان ، أمّا الأوّل فلامتناع اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد تحت عنوان واحد،
وأمّا الثاني فلأنّ النهي يكشف عن المبغوضية فلا يكون المبغوض مقرّبا.
وهذه هي الضابطة
في دلالة النهي على الفساد وعدمها ، ففي كل مورد لا يجتمع ملاك النهي (المبغوضية)
مع ملاك الصحّة (الأمر والمحبوبية) يحكم عليها بالفساد. [٣]
[١] قد يكون النهي
رشادا إلى قلّة الثواب كما في قوله : «لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد» [الوسائل
: ٣ ، الباب ٢ من أبواب لباس المصلّي ، الحديث ٧] فانّه لا يستلزم الفساد وبالتالي
لا يدخل في النزاع.
[٣] وأمّا إذا لم تكن
صحة الشيء رهن الأمر أو المحبوبية بل دائرا مدار كونه جامعا للأجزاء والشرائط ـ كما
في باب المعاملات ـ فلا يكشف ملاك النهي ـ أعني : المبغوضية ـ عن الفساد وبذلك (أي
عدم تأثير المبغوضية) يفترق باب المعاملات عن العبادات حيث لا يحكم على المعاملات
بالفساد مع تعلّق النهي النفسي بها كما سيوافيك.
اسم الکتاب : الموجز في أصول الفقه المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 71