واحتجّ له مع
ذلك في المنتهى بأنّ الإطلاق موجود فيه والمنع من رفع الحدث به عند بعض الأصحاب لا
يوجب المنع من إزالة النجاسة ، لأنّهم إنّما قالوا به هناك لعلّة لم توجد في إزالة
الخبث. فإن صحّة تلك العلّة ظهر الفرق وبطل الإلحاق ، وإلّا حكموا بالتساوي في
البابين ، كما قلناه ، وهو حسن.
وقد أنكر بعض
المتأخّرين على دعوى فخر المحقّقين الإجماع هنا ، مستندا إلى أنّ الشهيد في الذكرى
حكى في ذلك خلافا [٢]. وليس بشيء.
أمّا أوّلا :
فلأنّ الشهيد لم يذكر أنّ المخالف منّا ، وإنّما حكى عن الشيخ والمحقّق تجويز
إزالة النجاسة به لطهارته ، وبقاء قوّة إزالة الخبث وإن ذهبت قوّة رفعه للحدث. ثمّ
قال : وقيل : لا ؛ لأنّ قوّته استوفيت فالحق بالمضاف ».
وكلامه هذا ليس
فيه تصريح بأنّ القائل من الأصحاب.
وقد حكى
العلّامة في التذكرة عن الشافعي في أحد قوليه عدم جواز إزالة النجاسة به [٣]. فيحتمل أن
يكون هو المقصود بصيغة التمريض. ومع قيام الاحتمال ، كيف يتوجّه الإنكار على دعوى إجماع
الأصحاب؟
وأمّا ثانيا
فلأنّا وإن سلّمنا كون القائل من الأصحاب ؛ نظرا إلى أنّ المعروف في حكاية أقوال
العامّة التصريح لا الإبهام ، لكن يحتمل أن يكون هذا القائل متأخّرا عن مدّعي
الإجماع ؛ إذ حكاية الخلاف متأخّرة وليس فيها إشعار بتقدّمه ، فلا مساغ للإنكار
بمجرّدها.