اسم الکتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء المؤلف : ابن خمير الجزء : 1 صفحة : 54
قالوا : وهو الجسد
الذي ألقي على كرسيّه [١] ، وهذا يعضده الخبر الصّحيح ، ويتصوّر العتاب فيه من ترك
الاستثناء ، فإنّه أولى ، فإن كان تركه بعد ما أمر به ، فتركه ناسيا.
وقد ذكر المفسّرون
أنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لمّا طلب منه اليهود أن يخبرهم عن قصّة أصحاب الكهف ،
فقال : غدا أخبركم بها ، ونسي الاستثناء ؛ أبطأ الوحي عنه أيّاما حتّى نزلت عليه
القصّة. وقيل له مع ذلك [٢] : (وَلا تَقُولَنَّ
لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ
إِذا نَسِيتَ) [الكهف : ١٨ / ٢٣
ـ ٢٤] ، معناه : إذا نسيت الاستثناء ثم تذكّرت فاستثن بالمشيئة. وفي هذا أنّ
الاستثناء بعد مدّة يرفع الحرج ولا يرفع الكفّارة ، ولذا أجازه ابن عبّاس ـ رضي
الله عنهما ـ بعد سنة [٣].
فخرج من عموم ما
ذكرناه في جميع القصّة أنّ العتاب من الله تعالى لسليمان ـ عليهالسلام ـ إذا صحّ إنّما كان على تركه الأولى من المباحات.
والأظهر في هذا
الحديث أنّه ترك مندوبا إليه ، ومن ترك المندوب فلا إثم عليه ، فهو بمثابة ترك
المباح في نفي الذّنب كما تقدّم ، والله الموفّق للصّواب.
[١] وقيل في (الجسد)
المذكور أقوال منها : ـ أن الجسد هو آصف بن برخيا الصدّيق كاتب سليمان.
ـ وقيل هو سليمان عليهالسلام نفسه ، وذلك أنه مرض مرضا شديدا حتى
صار جسدا ، وقد يوصف به المريض المضنى فيقال : كالجسد الملقى.
[٢] وفي كتب التفسير
وأسباب النّزول ـ والعبارة في القرطبي ١٠ / ٣٨٥ ـ : عاتب الله تعالى نبيه عليهالسلام على قوله للكفار حين
سألوه عن الرّوح والفتية وذي القرنين : غدا أخبركم بجواب أسئلتكم ولم يستثن في ذلك.
فاحتبس الوحي عنه خمسة عشر يوما حتى شقّ ذلك عليه وأرجف الكفار به فنزلت سورة
الكهف مفرّجة.
[٣] حكي عن ابن عباس رضياللهعنه أنه إن نسي
الاستثناء ثم ذكر ولو بعد سنة لم يحنث إن كان حالفا.
قال القرطبي : وهو قول مجاهد.
اسم الکتاب : تنزيه الأنبياء عمّا نسب إليهم حثالة الأغبياء المؤلف : ابن خمير الجزء : 1 صفحة : 54