اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 82
المجلس السّابع والثلاثون
روى عبد الله بن سليمان والمنذر بن
المشمعل الأسديّان قالا : لمّا قضينا حجّنا لم تكن لنا همّة إلاّ اللحاق بالحسين (ع)
لننظر ما يكون من أمره ، فأقبلنا ترقل بنا ناقتانا مسرعين حتّى لحقناه بـ (زرود) ،
فلمّا دنونا منه ، إذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين (ع)
، فوقف الحسين (ع) كأنّه يريده ثمّ تركه ومضى ، ومضينا نحوه فقال أحدنا لصاحبه :
اذهب بنا إلى هذا لنسأله فإنّ عنده خبر الكوفة. فمضينا إليه فقلنا : السّلام
عليكم. فقال : وعليكما السّلام. قلنا : ممَّن الرجل؟ قال : أسدي. قلنا له : ونحن
أسديّان ، فمَن أنت؟ قال : أنا بكر بن فلان ، وانتسبنا له ، ثمّ قلنا : أخبرنا عن
النّاس من ورائك. قال : لم أخرج من الكوفة حتّى قُتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة ،
ورأيتهما يُجرّان بأرجلهما في السّوق. فاقبلنا حتّى لحقنا الحسين (ع) فسايرناه
حتّى نزل الثعلبيّة ممسياً ، فجئنا حين نزل فسلّمنا عليه ، فردّ علينا السّلام ،
فقلنا : رحمك الله ، إنّ عندنا خبراً إنْ شئت حدّثناك علانية وإنْ شئت سرّاً. فنظر
إلينا وإلى أصحابه ثمّ قال (ع) : «ما دون هؤلاء سرّ». فقلنا له : رأيتَ الراكب
الذي استقبلته عشيّة أمس؟ قال (ع) : «نعم ، وقد أردتُ مسألته». فقلنا : قد والله
استبرأنا لك خبره وكفيناك مسألته ، وهو امرؤ منّا ذو رأي وصدق وعقل ، وإنّه حدّثنا
أنّه لم يخرج من الكوفة حتّى قُتل مسلم وهاني ، ورآهما يُجرّان في السّوق
بأرجلهما. فقال (ع) : «إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، رحمة الله عليهما». يردّد ذلك
مراراً. فقلنا له : ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلاّ انصرفت من مكانك هذا ،
فإنّه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوّف أنْ يكونوا عليك. فنظر (ع) إلى
بني عقيل فقال : «ما ترون؟ فقد قُتل مسلم». فقالوا : والله ، لا نرجع حتّى نصيب
ثأرنا أو نذوق ما ذاق. فأقبل علينا الحسين (ع) وقال : «لا خير في العيش بعد هؤلاء».
فعلمنا أنّه قد عزم رأيه على المسير ، فقلنا له : خار الله لك. فقال (ع) : «رحمكما
الله». فقال له أصحابه : إنّك والله ما أنت مثل مسلم ، ولو قدمت الكوفة لكان
النّاس إليك أسرع. فسكت ، وارتجّ الموضع بالبكاء لقتل مسلم بن عقيل ، وسالت
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 82