اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 65
المجلس التاسع والعشرون
لمّا جاء ابن زياد إلى الكوفة وتهدد
النّاس وتوعّدهم ، خاف هاني على نفسه من ابن زياد فانقطع عنه وتمارض ، فسأل عنه
ابن زياد جلساءه ، فقيل : إنّه مريض. فقال : لو علمت بمرضه لعدته. ودعا بجماعة
فقال لهم : ما يمنع هاني من اتياننا؟ قالوا : ما ندري ، وقد قيل إنّه مريض. قال :
بلغني أنّه قد برئ ، فألقوه ومروه أنْ لا يدع ما عليه من حقّنا. فأتوا إلى هاني
وأخبروه أنّ ابن زياد قد سأل عنه ، وأقسموا عليه أنْ يذهب معهم. فلبس هاني ثيابه
وركب بغلته وأقبل معهم ، فلمّا رآه ابن زياد ، قال : أتتك بخائن رجلاه تسعى. ثمّ
قال : إيه يا هاني ، جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك ، وجمعت له الجموع والسّلاح
في الدور حولك ، وظننت أنّ ذلك يخفى عليّ. فأنكر هاني ذلك ، فدعا ابن زياد معقلاً
، فلمّا رآه هاني أسقط في يده ساعة (أي : بُهت وتحيّر) ثمّ راجعته نفسه ، وجعل
يعتذر إلى ابن زياد بأنّه ما دعا مسلماً إلى داره لكن جاءه يطلب منه النّزول
فاستحيا من ردّه ، وقال : إنْ شئت أنْ أنطلق إليه فآمره أنْ يخرج من داري. فقال له
ابن زياد : والله ، لا تفارقني أبداً حتّى تأتيني به. قال : لا والله ، لا أجيئك
به أبداً ، أجيئك بضيفي تقتله؟! فلمّا كثر الكلام بينهما ، قام مسلم بن عمرو
الباهلي فخلا بهاني وجعل يناشده أنْ يدفع مسلم بن عقيل إلى ابن زياد ويقول : إنّه
ابن عمّ القوم وليسوا بقاتليه ولا ضائريه ، وليس عليك بذلك مخزاة ولا منقصة ؛
إنّما تدفعه إلى السّلطان. فقال هاني : إنّ عليّ في ذلك الخزي والعار أنْ أدفع
جاري وضيفي وأنا حيّ صحيح شديد السّاعدين كثير الأعوان. والله ، لو لم يكن لي ناصر
لم أدفعه حتّى أموت دونه. فسمع ابن زياد ذلك فقال : ادنوه مني. فأدنوه منه ، فقال
: والله ، لتأتينّي به أو لأضربنّ عنقك. فقال هاني : إذاً والله ، تكثر البارقة
(يعني السّيوف) حول دارك. فقال ابن زياد : وآ لهفاه عليك! أبالبارقة تخوفني؟! ـ
وهاني يظنّ أنّ عشيرته سيمنعونه ـ ثمّ قال : ادنوه منّي. فاُدني منه ، فاستعرض
وجهه بالقضيب ، فلم يزل يضرب به أنفه وجبينه وخدّه حتّى كسر أنفه وسالت الدماء على
ثيابه ووجهه ولحيته ، ونثر لحم جبينه وخدّه على لحيته حتّى
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 65