اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 643
أللَّهُمَّ ، وَإنَّهُ
لاَ وَفَاءَ لِي بِالتَّوْبَةِ إلاَّ بِعِصْمَتِكَ ، وَلا اسْتِمْسَاكَ بِي عَنِ
الْخَطَايَا إلاَّ عَنْ قُوَّتِكَ. أللَّهُمَّ ، أَيُّما عَبْد تَابَ إلَيْكَ
وَهُوَ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ فَاسِخٌ لِتَوْبَتِهِ ، وَعَائِدٌ فِي
ذَنْبِهِ وَخَطِيئَتِهِ ، فَإنِّي أَعُوذُ بِكَ أنْ أَكُوْنَ كَذلِكَ ، فَاجْعَلْ
تَوْبَتِي هَذِهِ تَوْبَةً لا أَحْتَاجُ بَعْدَهَا إلَى تَوْبَة ، تَوْبَةً
مُوجِبَةً لِمَحْوِ مَا سَلَفَ ، وَالسَّلاَمَةِ فِيمَا بَقِيَ. أللَّهُمَّ ، وَإنِّي
أَتُوبُ إلَيْكَ مِنْ كُلِّ مَا خَالَفَ إرَادَتَكَ مِنْ خَطَرَاتِ قَلْبِي ، وَلَحَظَاتِ
عَيْنِي ، وَحِكَايَاتِ لِسَانِي. أَللَّهُمَّ ، إنْ يَكُنِ النَّدَمُ تَوْبَةً
إلَيْكَ فَأَنَا أَنْدَمُ اْلنَّادِمِينَ ، وَإنْ يَكُنِ التَّرْكُ لِمَعْصِيَتِكَ
إنَابَةً فَأَنَا أَوَّلُ الْمُنِيبينَ ، وَإنْ يَكُنِ الاسْتِغْفَارُ حِطَّةً
لِلذُّنُوبِ فَإنِّي لَكَ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ». وكان الحُرّ بن يزيد التميمي
اقترف ذنباً عظيماً في خروجه لحرب الحسين (ع) ، ومنعه عن الرّجوع وضيّق عليه ، ثمّ
لمّا تاب تاب الله عليه واستشهد بين يدي الحسين (ع) ، فرافق الحسين وجدّه وأباه (صلوات
الله عليهم) في أعلى درجات الجنان ، وذلك لمّا رأى الحُرُّ أنّ القوم قد صمّموا
على قتال الحسين (ع) ، قال لعمر بن سعد : أمقاتل أنت هذا الرجل؟! قال : أي والله ،
قتالاً أيسره أنْ تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي. فأخذ الحُرّ يدنو من الحسين (ع) قليلاً
قليلاً ، وأخذه مثل الأفكل (وهي : الرّعدة) ، فقال له المهاجر بن أوس : إنّ أمرك
لمريب! والله ، ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا! ولو قيل لي : مَن أشجع أهل الكوفة؟
ما عدوتك ، فما هذا الذي أرى منك؟! فقال الحُرّ : إنّي والله ، اُخيّر نفسي بين
الجنّة والنّار ، فوالله ، لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قُطّعت وحُرّقت. ثمّ ضرب
فرسه قاصداً إلى الحسين (ع) ويده على رأسه ، وهو يقول : اللهمّ ، إليك اُنيت فتب
عليّ ، فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد بنت نبيّك. وقال للحسين (ع) : جعلت فداك
يابن رسول الله ، أنا صاحبك الذي حبستك عن الرّجوع ، وسايرتك في الطّريق ، وجعجعت
بك (أي : ضيّقت عليك) في هذا المكان ، وما ظننتُ أنّ القوم يردّون عليك ما عرضته
عليهم ، ولا يبلغون منك هذه المنزلة. والله ، لو علمتُ أنّهم ينتهون منك إلى ما
أرى ، ما ركبت مثل الذي ركبت ، وإنّي قد جئتك تائباً ممّا كان منّي وإلى ربّي ، مواسياً
لك بنفسي حتّى أموت بين يديك ، فهل ترى لي من توبة؟ فقال له الحسين (ع) : «نعم
يتوب الله عليك ، فانزل». قال : أنا لك فارساً خير منّي راجلاً ، اُقاتلهم على
فرسي ساعة وإلى النّزول يصير آخر أمري. فقال له الحسين (ع) : «فاصنع يرحمك الله ما
بدا». فقاتل حتّى قُتل ، وفاز بالشّهادة. ولمّا جيء بسبايا أهل البيت إلى دمشق ، واُوقفوا
على درج باب المسجد الجامع حيث يُقام السّبي ، جاء شيخ فدنا من نساء الحسين (ع) وعياله
، وتكلّم بما كان من عظم الذّنوب ، ثمّ لمّا وعظه زين العابدين (ع) وأبان له ما
كان يجهله ، تاب فتاب الله عليه ونال درجة الشّهادة ؛ وذلك أنّه قال لهم : الحمد
لله ، الذي أهلككم
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 643