اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 614
المجلس السابع والأربعون بعد
المئتين
روى الصّدوق في العيون بسنده : أنّ
المأمون قال : أتدرون مَن علّمني التشيّع؟ فقالوا : لا. قال : علّمنيه الرشيد. قالوا
: كيف والرشيد كان يقتل أهل هذا البيت؟! قال : كان يقتلهم على المُلك ، ولقد حججتُ
معه سنة ، فلمّا ورد المدينة قال لحُجّابه : لا يدخلنَّ عليَّ رجلٌ إلاّ نسب نفسه.
فكان يُعطيهم على قدَرِ شرفهم وهجرة آبائهم ، من خمسة آلاف دينار إلى مئتي دينار. فدخل
عليه يوماً الربيع ، فقال : على الباب رجل يزعم أنّه موسى بن جعفر. فأقبل الرشيد
عليَّ وعلى الأمين والمؤتمن والقوّاد ، ونحن قيام على رأسه ، فقال : احفظوا عليَّ
أنفسكم. ثمّ قال لآذنِهِ : ائذن له ولا ينزل إلاّ على بساطي. فأقبل شيخٌ مُصفرُّ
اللون قد نهكته العبادة ، وكلِمَ من السّجود وجهُهُ وأنفُه ، فلمّا رأى الرشيد رمى
بنفسه عن حمار كان راكبه ، فقال الرشيد : لا والله ، إلاّ على بساطي. فمنعه
الحُجّاب من الترجّل ، ونظرنا إليه بالإجلال والإعظام ، فما زال يسير على حماره
حتّى صار إلى البساط ، والحُجّاب والقوّاد محدقون به ، فنزل فقام إليه الرشيد
واستقبله إلى آخر البساط ، وقبّل وجهه وعينيه ، وأخذ بيده فأجلسه معه في صدر
المجلس ، وجعل يُحدّثه ويُقبل بوجهه عليه ويسأله عن أحواله ، ثم قال له : يا أبا
الحسن ، ما عليك من العيال؟ قال : «يزيدون على الخمسمئة». قال : أولادك كلّهم؟ قال
: «لا ، أكثرهم موالي وحشم ؛ فأمّا الوِلد فلي نيف وثلاثون ، والذّكران منهم كذا
والنّسوان كذا». قال : فلِم لا تُزوج النّسوان من بني عمومتهنَّ وأكفائهنّ؟ قال : «اليد
تقصر عن ذلك». قال : فما حال الضّيعة؟ قال : «تُعطي في وقت وتمنع في آخر». قال : فهل
عليك دَين؟ قال : «نعم». قال : كم؟ قال : «نحو من عشرة آلاف دينار». فقال الرشيد :
يابن عم ، أنا اُعطيك من المال ما تُزوّج الذكران والنّسوان ، وتقضي الدَّين
وتُعمّر الضّياع. فقال له : «وصلتك رحمٌ يابن عم ، وشكر الله لك هذه النّية
الجميلة. والرَّحمُ ماسَّة ، والقرابةُ واشجة ، والنّسب واحد ، والعبّاس عمُّ
النّبيِّ (ص) وصنو أبيه ، وعمُّ عليّ بن أبي طالب وصنو أبيه». قال : أفعل ذلك يا
أبا الحسن وكرامة. ثمّ
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 614