اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 589
المجلس الخامس والثّلاثون
بعد المئتين
روى الطّبرسي في الاحتجاج عن ثابت البناني
، قال : كنتُ حاجّاً وجماعة عبّاد البصرة ، فلمّا أنْ دخلنا مكّّة رأينا الماء
ضيّقاً وقد اشتد بالنّاس العطش لقلّة الغيث ، ففزع إلينا أهل مكّة والحجّاج
يسألوننا أنْ نستسقي لهم ، فأتينا الكعبة وطفنا بها ، ثمّ سألنا الله خاضعين
متضرّعين بها ، فمنعنا الإجابة ، فبينا نحن كذلك إذا نحن بفتى قد أقبل ، قد أكبرته
أحزانه وأقلقته أشجانه ، فطاف بالكعبة أشوطاً ثمّ أقبل علينا ، فقال : «يا مالك بن
دينار ، ويا ثابت البناني ، ويا أيوب السّجستاني ، ويا صالح المُرّي ، ويا عُتبة
الغلام ، ويا حبيب الفارسي ، ويا عمر ، ويا صالح ، ويا رابعة ، ويا سعدانة ، ويا
جعفر بن سُليمان». فقلنا : لبّيك وسعديك يا فتى. فقال : «أما فيكم أحدٌ يُحبُّه
الرَّحمن؟». فقلنا : يا فتى ، علينا الدُّعاء وعليه الإجابة. فقال : «ابعدوا عن
الكعبة ، فلو كان فيكم أحدٌ يُحبُّه الرّحمنُ ، لأجابه». ثمّ أتى الكعبة فخرَّ
ساجداً ، فسمعته يقول في سجوده : «سيّدي ، بحبِّك إلاّ سقيتهم الغيث». قال : فما
استتم الكلام حتّى أتاهم الغيث كأفواه القرب ، فقلت : يا فتى ، منْ أين علمت أنّه
يُحبُّك؟ فقال : «لو لم يُحبني لم يستزرني ، فلمّا استزارني ، علمتُ أنّه يُحبُّني
، فسألتُه بحبِّه لي فأجابني». ثمّ ولّى عنّا ، وأنشأ يقول :
مَنْ عَرفَ الرَّبَّ فلمْ تُغنهِ
معرفةُ الرَّبِّ فذاكَ الشَّقي
ما ضرَّ ذا الطَّاعةِ ما نالهُ
في طاعةِ اللهِ وماذا لقي
ما يصنعُ العبدُ بغيرِ التُّقَى
والعزُّ كلُّ العزِّ للمُتّقي
فقلت : يا أهل مكّة ، مَن هذا الفتى؟
فقالوا : هذا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام.
أقول : مثل هذا الإمام في علمه وفضله ، ومناقبه وكرامته ، وزُهده وعبادته واستجابة
دعائه يُحمل أسيراً مغلولاً ، تارة إلى ابن مرجانة بالكوفة
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 589