اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 578
المجلس الحادي والثّلاثون
بعد المئتين
قد قضى العقل والدّين باحترام عظماء
الرّجال أحياءً وأمواتاً ، وتجديد الذّكرى لوفاتهم وإظهار الحزن عليهم ، لا سيَّما
مَن بذل نفسه وجاهد حتّى قُتل ؛ لمقصد سام وغاية نبيلة ، وقد جرت على ذلك الاُمم
في كلِّ عصر وزمان ، وجعلته من أفضل أعمالها وأسنى مفاخرها. فحقيقٌ بالمسلمين ، بل
جميع الاُمم أنْ يُقيموا الذّكرى للحسين بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام ؛ فإنّه من عظماء
الرّجال وأعاظمهم في نفسه ، ومن الطّراز الأوّل ؛ جمع أكرم الصّفات وأحسن الأخلاق
، وأعظم الأفعال وأجلّ الفضائل والمناقب ، علماً وفضلاً ، وزهادة وعبادة ، وشجاعة
وسخاء ، وسماحة وفصاحة ، ومكارم أخلاق ، وإباء للضيم ومقاومة للظلم. وقد جمع إلى
كرم الحسب شرف العنصر والنّسب ، فهو أشرف النّاس أباً واُمّاً ، وجدّاً وجدّةً ، وعمّاً
وعمّةً ، وخالاً وخالة ؛ جدّه رسول الله (ص) سيّد النّبيِّين وأفضل ولد آدم ، وأبوه
علي أمير المؤمنين وسيّد الوصيين ، واُمّه فاطمة الزّهراء سيّدة نساء العالمين ، وأخوه
الحسن المُجتبى ، وعمّه جعفر الطيّار مع ملائكة السّماء ، وعمُّ أبيه حمزة سيّد
الشّهداء ، وجدّته خديجة بنت خويلد أوّل نساء هذه الاُمّة إسلاماً ، وعمّته اُم
هانيء ، وخاله إبراهيم ابن رسول الله (ص) وخالته زينب بنت رسول الله (ص). وقد جاهد
لنيل أسمى المقاصد وأنبل الغايات ، وقام بما لم يقم بمثله أحد قبله ولا بعده ؛
فبذل نفسه وماله وآله في سبيل إحياء الدّين وإظهار فضائح المنافقين ، واختار
المنية على الدّنية ، وميتة العزّ على حياة الذّل ، ومصارع الكرام على طاعة اللئام.
وأظهر من إباء الضّيم وعزّة النّفس ، والشّجاعة والبسالة ، والصّبر والثّبات ما
بهر العقول وحيّر الألباب ، واقتدى به في ذلك كلُّ مَن جاء بعده حتّى قال القائل :
وإنَّ الاُلى بالطفِّ من آلِ هاشمٍ
تآسَوا فسنُّوا للكرامِ التآسيَا
وحتّى قال آخر : كأن أبيات أبي تمّام ما
قيلت إلاّ في الحسين (ع) :
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 578