اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 576
المجلس التاسع والعشرون بعد
المئتين
كان أهل بيت الحسين (ع) من أبنائه
وإخوته ، وبني أخيه وبني عمومته ، خيرةَ أهل الأرض وفاءً وإباءً ، وشجاعة وإقداماً
، وعلوَّ هممٍ ، وشرفَ نفوسٍ ، وكرمَ طباع. فلله درّهم من عصبة رفعوا منار الفخر ،
ولبسوا ثياب العزِّ غير مشاركين فيها ، وتجلببوا جلباب الوفاء ، وضمّخوا أعوام
الدّهر بعاطر ثنائهم ، ونشروا راية المجد والشّرف تخفق فوق رؤوسهم ، وجلوا جيد الزّمان
بأفعالهم الجميلة ، وأمسى ذكرهم حيّاً مدى الأحقاب والدّهور مالئاً المشارق
والمغارب ، ونقشوا على صفحات الأيّام سطور مدح لا تُمحى وإنْ طال العهد ، وعاد سنا
أنوارهم يمحو دُجى الظّلمات ، ويعلو نور الشّمس والكواكب! وهم الذين قال فيهم
الحسين (ع) في خطبته ليلة العاشر : «إنّي لا أعلم أهل بيتٍ أبرَّ ، ولا أوصل من
أهل بيتي». أبوا أنْ يُفارقوا الحسين (ع) وقد أذن لهم ، وفدوه بنفوسهم وبذلوا دونه
مهجهم ، وقالوا لمّا أذن لهم في الانصراف : ولِمَ نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك! لا أرانا
الله ذلك أبداً. ولمّا قال لبني عقيل : «حسبُكُمْ من القتل بصاحبكم مسلم ، اذهبوا
فقد أذنت لكم». قالوا : سبحان الله! فما يقول النّاس لنا ، وما نقول لهم؟ إنّا
تركنا شيخنا وسيِّدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ، ولم نرمِ معهم بسهم ولم نطعن
معهم برمح ، ولم نضرب معهم بسيف ولا ندري ما صنعوا. لا والله ، ما نفعل ولكنْ
نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ، ونقاتل معك حتّى نرد موردك ، فقبّح الله العيش
بعدك. فقُتلوا جميعاً بين يديه مقبلين غير مدبرين ، وهو الذي كان يقول لهم ـ وقد
حمي الوطيس واحمرّ البأس ، مبتهجاً بأعمالهم ـ : «صبراً يا بني عمومتي ، صبراً يا
أهل بيتي ، فو الله ، لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً».
صالُوا وجالُوا وادَّوا حقَّ
سيِّدِهمْ
في موقفٍ عقَّ فيه الوالدَ الولدُ
وشاقهُمْ ثمرُ العُقبَى فأصبحَ في
صدورِهمُ شجرُ الخطيِّ يختضدُ
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 576