اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 556
المجلس الثّالث والعشرون بعد
المئتين
في كامل ابن الأثير قال : في سنة ستٍّ
وخمسين بايع النّاس يزيد بن معاوية بولاية عهد أبيه ، وكان أوّل ذلك من المغيرة بن
شعبة ؛ فإنّ معاوية أراد أن يعزله عن الكوفة ويولّيها سعيد بن العاص ، فقال
المغيرة : الرّأي أنْ أذهب إلى معاوية فاستعفيه ليظهر للناس كراهتي للولاية. فدخل
على يزيد ، وقال : ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة؟ قال : أترى ذلك يتم؟
قال : نعم. فدخل يزيد على أبيه وأخبره ، فأحضر المغيرة فأشار عليه ببيعة يزيد ، قال
معاوية : ومَن لي بهذا؟ قال المغيرة : أنا أكفيك أهل الكوفة ، ويكفيك زياد أهل
البصرة. قال : ارجع إلى عملك. فرجع إلى أصحابه ، فقالوا : مه. قال : لقد وضعت رجل
معاوية في غرز بعيد الغاية على اُمّة محمَّد (والغرز : ركاب من جلد) ، وفتقت عليهم
فتقاً لا يُرتق أبداً ، وأنشد :
بمثلِي شاهدِي النَّجْوى وغالَى
بيَ الأعداءُ والخصمُ الغِضابا
وقد صدق المغيرة في أنّه فتق على اُمّة
محمَّد فتقاً لا يُرتق أبداً ؛ جرأة منه على الله تعالى واتّباعاً للهوى. وقدم
المغيرة الكوفة وذاكر شيعة بني اُميّة بذلك فأجابوه ، فأوفد منهم عشرة وأعطاهم
ثلاثين ألف درهم وجعل عليهم ابنه ، فقدموا على معاوية وزيّنوا له بيعة يزيد ، وادّعوا
أنّه إنّما استخفّهم إليه النّظر لاُمّة محمَّد (ص). فقال معاوية : لا تعجلوا
بإظهار هذا. وقال لابن المغيرة سرّاً عنهم : بِكَم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟
فقال : بثلاثين ألف درهم. فقال : لقد هان عليهم دينهم ، ولقد وجد أبوك دينهم عندهم
رخيصاً. واستشار معاوية زياداً فأشار بالتؤدة. وكتب معاوية إلى مروان : إنّي قد
كبرت سنِّي ، وخشيت الاختلاف على الاُمّة بعدي ، وقد رأيت أن أتخيّر لهم مَن يقوم
بعدي ، فأعرض ذلك وأخبرني بما يردّون عليك. فأخبرهم ، فقالوا : أصاب. فكتب إلى
معاوية بذلك
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 556