اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 527
فضول الحوض ، (وَأَبُونَا
شَيْخٌ كَبِيرٌ)
لا يقدر أنْ يتولّى السّقي بنفسه ـ أبوهما هو شُعيب (ع) ـ. (فَسَقَى
لَهُمَا)
غنمهما ، وزحم القوم عن الماء حتّى أخرجهم عنه ، وسقى أغنامهما حتّى رويت من دلوا
واحد. (ثمّ تَوَلّى إلى الظّلّ) : إلى ظل شجرة ، فجلس تحتها من شدّة
الحَرِّ وهو جائع ، (فَقَالَ رَبّ إِنّي
لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ). فرجعتا إلى أبيهما في ساعة كانتا لا
ترجعان فيها ، فأنكر شأنهما وسألهما ، فأخبرتاه الخبر. فقال : عليّ به. (فَجاءَتْهُ
إِحْدَاهُمَا)
: وهي الكُبرى (تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) : مستحيية مُعرضة على عادة النّساء
الخفرات. (قَالَتْ إِنّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ
أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا).
فلمّا قالت : ليجزيك أجر ما سقيت لنا ، كره ذلك موسى (ع) ؛ لأنّه لا يُريد أجراً
على عمله إلاّ من الله تعالى ، وأراد أنْ لا يتبعها ، ولكنّه لم يجد بُدّاً من
اتّباعها. (فَلَمّا جَاءَهُ وَقَصّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) : حكى له قصته من قتل القُبطي وطلبهم
إيّاه ليقتلوه وهربه ، قال له شُعيب (ع) : (لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ
مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ)
: فرعون وقومه ؛ فلا سلطان له بأرضنا. وإذا هو بالعشاء مُهيَّأً ، فقال له شعيب (ع)
: اجلس يا شاب فتعشَّى. فقال موسى (ع) : أعوذ بالله. قال شعيب (ع) : ولِمَ ذاك ، ألست
بجائع؟ قال : بلى ، ولكن أخاف أنْ يكون هذا عِوضاً لِما سقيتُ لهما ؛ وأنا من أهل
بيت لا نبيع شيئاً من عمل الآخرة بمِلك الأرض ذهباً. فقال له شُعيب (ع) : لا والله
يا شاب ، ولكنّها عادتي وعادة آبائي ؛ نُقري الضّيف ونُطعم الطّعام. فأكل. (قَالَتْ
إِحْدَاهُمَا)
ـ واسمها صفورة أو صفراء ، وهي التي تزوج بها ، وهي التي قالت له : إنّ أبي يدعوك
ـ : (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنّ خَيْرَ مَنِ
اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيّ الأَمِينُ قَالَ إِنّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى
ابْنَتَيّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ) : تكون أجيراً لي إلى ثماني سنين. (فَإِنْ
اتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ)
: أي ذلك تفضّل منك وليس بواجب عليك ، (وَمَا أُرِيدُ أَنْ
أَشُقّ عَلَيْكَ)
في هذه الثّمانية حجج فاُكلّفك غير الرّعي ، أو بأنْ آخذك بإتمام عشر سنين ، (سَتَجِدُنِي
إِن شَاءَ اللّهُ مِنَ الصّالِحِينَ)
في حسن الصّحبة والوفاء بالعهد. (قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي
وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ
عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)سُئل
الإمام الصّادق (ع) : أي الأجلين قضى موسى (ع)؟ قال : «أوفاهما وأبعدهما عشر سنين».
وقد أشبهت حال موسى (ع) في خروجه من مصر خائفاً يترقّب ، هارباً من فرعون مصر ، حال
الحسين (ع) في خروجه من المدينة في جوف الليل خائفاً يترقب ، هارباً من فراعنة بني
اُميّة ، وهو يقرأ : «فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي
مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ». ودخل مكّة وهو يقرأ : «وَلَمّا تَوَجّهَ تِلْقَاءَ
مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السّبِيلِ». وذلك لمّا دعاه
الوليد بن عتبة بن أبي سفيان في الليل وطلب منه البيعة ليزيد ، فلم يرد الحسين (ع)
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 527