اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 505
المجلس السّابع بعد المئتين
من كلام لأمير المؤمنين (ع) : «إليكِ
عنّي يا دُنيا ، فحبلك على غاربك ، قد انسللتُ من مخالبك وأفلتُّ من حبائلك ، واجتنبت
الذهاب في مداحضك. أين القرون الذين غررتهم بمداعبك؟ أين الاُمم الذين فتنتهم
بزخارفك؟ فها هم رهائن القبور ومضامين اللحود. والله ، لو كنتُ شخصاً مرئيّاً
وقالباً حسيّاً ، لأقمت عليك حدود الله في عبادٍ غررتهم بالأماني ، واُمم ألقيتهم
في المهاوي ، وملوك أسلمتهم إلى التلف وأوردتهم موارد البلاء ، إذ لا ورد ولا صدر.
هيهات! مَن وطئ دَحْضك زلِق ، ومَن ركب لُجَجك غرِق ، ومَن ازْوَرَّ عن حبائلك
وُفِّق ، والسّالم منك لا يُبالي إنْ ضاق به مناخه ، والدّنيا عنده كيوم حان
انسلاخه. اعزُبي عنّي ، فو الله ، لا أذلّ لك فتستذلّيني ، ولا أسلس لك فتقوديني ،
وأيَم الله ، يميناً أستثني فيها بمشيئة الله ، لأروضنّ نفسي رياضةً تهشّ معها إلى
القرص إذا قدرت عليه مطعوماً ، وتقنع بالملح مأدوماً ، ولأدَعنَّ مُقلتي كعين ماءٍ
نضب معينها ، مستفرغة دموعها ، تمتلئ السّائمة من رعيها فتبرك ، وتشبع الربيضة من
عشبها فتربض ، ويأكل علي من زاده فيهجع! قرّت إذاً عينه إذا اقتدى بعد السّنين
المتطاولة بالبهيمة الهاملة ، والسّائمة المرعية. طوبى لنفس أدّت إلى ربّها فرضها
، وعركت بجنبها بؤسها ، وهجرت في الليل غمضها ، حتّى إذا غلب الكرى عليها افترشت
أرضها وتوسّدت كفّها ، في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم ، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم
، وهمهمت بذكر ربّهم شفاههم ، وتقشّعت بطول استغفارهم ذنوبهم ، (اُولئِكَ
حِزْبُ اللّهِ أَلاَ إِنّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). كما فعل أصحاب الحسين (ع) ليلة العاشر
من المُحرّم ؛ فإنّهم قاموا الليل كلّه يُصلّون ويستغفرون ، ويدعون ويتضرّعون ،
وباتوا ليلة العاشر من المُحرّم ولهم دويّ كدويّ النّحل ؛ ما بين قائم وقاعد.
سمةُ العبيدِ من الخشوعِ عليهمُ
لله إنْ ضمّتْهُمُ الأسحارُ
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 505