اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 502
المجلس السّادس بعد المئتين
من كتابٍ لأمير المؤمنين (ع) إلى عثمان
بن حنيف الأنصاري ، وكان عامله على البصرة ، وقد بلغه أنّه دُعي إلى وليمة قوم من
أهلها فمضى إليها : «أمّا بعدُ يابن حنيف ، فقد بلغني أنّ رجلاً من فتية أهل
البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعتَ إليها ، تُستطاب لك الألوان وتُنقل إليك الجفان ،
وما ظننت أنّك تُجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو وغنيّهم مدعو ، فانظر إلى ما تقضمه
من هذا المقضم ، فما اشتبه عليك علمه فالفظه ، وما أيقنت بطيب وجهه فنِلْ منه. ألا
وإنّ لكلِّ مأموم إماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه ، ألاَ وإنّ إمامكم قد اكتفى
من دنياه بطمريه ، ومن طعامه بقرصيه ، ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني
بورعٍ واجتهاد ، وعفّة وسداد ، فوالله ، ما كنزت من دنياكم تبراً ، ولا ادّخرت من
غنائمها وفراً ، ولا أعددت لبالي ثوبي طمراً ، ولا حزت من أرضها شبراً. بلى ، كانت
في أيدينا فدك من كلّ ما أظلَّته السّماء ، فشحَّتْ عليها نفوس قوم ، وسخَتْ عنها
نفوس قوم آخرين ، ونِعمَ الحكم الله. وما أصنع بفدك وغير فدك ، والنّفس مظانُّها
في غدٍ جَدَثٌ تنقطع في ظلمته آثارها وتغيب أخبارها! وحفرة لو زِيد في فُسحتها ،
وأوسعت يدََا حافرها ، لأضغَطها الحجر والمدر ، وسدّ فُرَجها التراب المتراكم!
وإنّما هي نفسي اُروّضُها بالتّقى لتأتيَ آمنةً يوم الخوف الأكبر ، وتثبت على
جوانب المَزْلَق. ولو شئتُ لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ، ولباب هذا القمح ،
ونسائج هذا القزّ ، ولكن هيهات أنْ يغلبني هواي ، ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة
، ولعلّ بالحجاز أو باليمامة مَن لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشبع. أوَ
أبيتُ مبطاناً وحولي بطون غرثى وأكباد حرّى؟! أوَ أكون كما قال القائل :
وحسبُكَ عاراً أنْ تبيت ببطنةٍ
وحولكَ أكبادٌ تحنُّ إلى القدِّ
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 502