اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 481
للسانهِ وسنانهِ
صدقانِ من طعنٍ وقيلِ
خلطَ البَراعةَ بالشَّجا
عةِ فالصَّليلُ عنْ الدليل
وتقدّم في بعض المواقف حتّى وقف بإزاء
القوم ، فجعل ينظر إلى صفوفهم كأنّهم السّيل ، ونظر إلى ابن سعد واقفاً في صناديد
الكوفة ، فخطب فيهم فقال : «الحمد لله الذي خلق الدّنيا فجعلها دار فناء وزوال ،
متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال ، فالمغرور مَنْ غرّته والشقيّ مَنْ فتنته ، فلا
تغرّنكم هذه الدّنيا ؛ فإنّها تقطع رجاء مَنْ ركن إليها وتخيب طمع مَنْ طمع فيها.
وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم ، وأعرض بوجهه الكريم عنكم ،
وأحلّ بكم نقمتة وجنّبكم رحمته ، فنعم الربّ ربّنا وبئس العبيد أنتم! أقررتم
بالطّاعة وآمنتم بالرسول محمّد (ص) ، ثمّ إنّكم زحفتم إلى ذريّته وعترته تريدون
قتلهم ، لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله ، فتبّاً لكم ولِما تُريدون!
إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم ، فبُعداً للقوم
الظالمين». فقال ابن سعد : ويلكم كلّموه! فإنّه ابن أبيه. فوالله ، لَو وقف فيكم
هكذا يوماً جديداً ، لما انقطع ولما حصر. فتقدّم شمر فقال : يا حسين ، ما هذا الذي
تقول؟ أفهمنا حتّى نفهم. فقال : «أقول : اتّقوا الله ربّكم ولا تقتلوني ؛ فإنّه لا
يحلّ لكم قتلي ولا انتهاك حرمتي ؛ فإنّي ابن بنت نبيّكم ، وجدّتي خديجة زوجة
نبيّكم ، ولعلّه قد بلغكم قول نبيّكم : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة». ثمّ
قال : «فإنْ كنتم في شكّ من هذا ، أفتشكّون في أنّي ابن بنت نبيّكم؟ فوالله ، ما
بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري فيكم ولا في غيركم. ويحكم! أتطلبونني بقتيل
منكم قتلتُه أو مال لكم استهلكتُه أو بقصاص من جراحة؟!». فأخذوا لا يكلّمونه ،
فنادى : «يا شبث بن ربعي ، ويا حجّار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ، ويا يزيد بن
الحارث ، ألم تكتبوا إليّ : أنْ قد أينعت الثّمار واخضرّت الجنان ، وإنّما تقدم
على جند لك مجنّدة؟». فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ، ولكن انزل على
حكم بني عمّك فإنّهم لنْ يرَوك إلاّ ما تُحب. فقال الحسين (ع) : «لا والله ، لا
اُعطيكم بيدي إعطاء الذّليل ، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد».
بأبي أبيّ الضّيمِ لا يُعطيْ العِدى
حذَرَ المنيّةِ منه فضلَ قيادِ
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 481