اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 475
المؤمنين (ع) ؛
فإنّه لمْ ينلْه مع طول زمان حروبه جراحٌ من عدو ، ولا شينٌ ، ولا وصل إليه بسوء
حتّى كان من اغتيال ابن ملجم له ما كان ، وهذه اُعجوبة أفرده الله في الآية فيها ،
ودلّ بذلك على مكانه منه ، وتخصّصه بكرامته التي بان بفضلها من كافّة الأنام. قال
: ومن آيات الله تعالى فيه ، أنّه لا يوجد ممارس للحروب إلاّ وهو ظافر بعدوه مرّة
، وغير ظافر به اُخرى ، ومَن جرح منهم خصمه ؛ فمرّة يموت من جرحه ، ومرّة يُعافى ،
ولمْ يعهدْ شخص لمْ يفلتْ منه قَرنٌ ، ولا نجا من ضربته أحدٌ إلاّ أمير المؤمنين (ع)
؛ فإنّه لا مرية في ظفره بكلِّ قَرن بارزه ، وإهلاكه كلَّ بطلٍ نازله ، وهذا ما
انفرد به من كافّة الأنام ، وخرق الله ـ عزّ وجل ـ به العادة في كلّ حين وزمان ،
وهو من دلائله الواضحة. قال : ومِن آيات الله تعالى فيه ، أنّه مع طول ممارسته
للحروب ، وكثرة مَن حاربه من الشجعان واحتيالهم عليه ، وبذلهم الجُهد في الفتك به
، ما ولّى أحداً منهم ظهره ، ولا تزحزح عن مكانه ، ولا هاب أحداً من أقرانه ، ولمْ
يلقَ أحدٌ سواه خصماً له في حربٍ إلاّ كان مرّة يثبت له ومرّة ينحرف عنه ، وتارة
يقدم عليه وتارة يحجم عنه. قال : ومِن آياته التي انفرد بها ، ظهور مناقبه في
الخاصّة والعامّة مع كثرة المنحرفين عنه ، وتوفر الأسباب إلى كتمان فضله ، وكون
الدُّنيا في يد خصومه. وقد استفاض عن الشعبي أنّه كان يقول : لقد كنتُ أسمع خطباء
بني اُميّة يسبّون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) على منابرهم وكإنّما يُشال
إلى السّماء ؛ ويمدحون أسلافهم على منابرهم وكأنّهم يكشفون عن جيفة. وقال الوليد
بن عبد الملك لبنيه : عليكم بالدِّين ؛ فإنّي لمْ أرَ الدِّينَ بَنى شيئاً فهدمته
الدنيا ، ورأيت الدُّنيا قد بنت بُنياناً فهدمه الدين. مازلتُ أسمع أهلنا يسبّون
علي بن أبي طالب ويدفنون فضائله ، ويحملون النّاس على شنآنه ، فلا يزيده ذلك في
القلوب إلاّ قُرباً ، ويجتهدون في تقريبهم من نفوس الخلق ، فلا يزيدهم ذلك من
القلوب إلاّ بُعداً. قال المفيد : وفيما انتهى إليه الأمر من دفن فضائل أمير
المؤمنين (ع) ، والحيلولة بين العلماء ونشرها ما لا شبهة فيه على عاقل ، حتّى كان
الرجل إذا أراد الرواية عنه لمْ يستطع أن يذكر اسمه ، فيقول : حدّثني رجلٌ من
أصحاب رسول الله (ص) ، أو رجل من قريش ، ومنهم مَن يقول : حدّثني أبو زينب. وروى
عكرمة عن بعض اُمّهات المؤمنين حديثاً فيه : فخرج رسول الله (ص) متوكّئاً على
رَجُلين من أهل بيته ؛ أحدهما الفضل بن العبّاس. فحكى ذلك عكرمة لابن عبّاس ، فقال
له : أتعرف الرجل الآخر؟ قال : لا ، لمْ تُسمّه لي. قال : ذاك علي بن أبي طالب (ع)
، وما كانت اُمّناً تذكره بخير وهي تستطيع. وكانت ولاة الجور تضرب بالسّياط مَنْ
ذكره ، بل تضرب الرقاب على ذلك وتحرّض النّاس على
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 475