اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 472
المجلس السّابع والتسعون بعد
المئة
لمّا بُويع أمير المؤمنين (ع) بالخلافة
، خرج إلى المسجد مُتعمّماًً بعمامة رسول الله (ص) ، لابساً بُردة رسول الله (ص) ،
مُنتعلاً نعل رسول الله (ص) ، مُتقلّداً سيف رسول الله (ص) ، فصعد المنبر فجلس
عليه متمكّناً ، ثمّ شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه ، ثمّ قال : «يا معشر النّاس
، سلوني قبل أنْ تفقدوني ، هذا سفطُ العلم ، هذا لعاب رسول الله (ص) ، هذا ما
زقّني رسول الله (ص) زقاًّ. سلوني فإنّ عندي علم الأوّلين والآخرين. أمَا والله ،
لو ثُنيت لي الوسادة وجلست عليها ، لأفتيتُ أهلَ التَّوراة بتوراتهم ، وأهلَ
الإنجيل بإنجيلهم ، وأهلَ القُرآن بقرآنهم حتّى ينطق كلُّ واحدٍ من هذه الكتب ،
فيقول : صدقَ عليٌّ ما كذب ، لقد أفتاكم بما أنزل الله فيَّ. وأنتم تتلون القرآن
ليلاً ونهاراً ، فهل فيكم أحدٌ يعلم ما أنزل الله فيه؟ ولولا آيةٌ في كتاب الله
عزّ وجل ، لأخبرتُكم بما كان وبما يكون وبما هو كائن إلى يوم القيامة». وهي هذه
الآية : (يَمْحُوا اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ
وَعِندَهُ اُمّ الْكِتَابِ)
ثمّ قال : «سلوني قبل أنْ تفقدوني ، فوالذي فَلَقَ الحبّة وبرأ النّسمة ، لو
سألتموني عن أيّةِ آية ، في ليلٍ نزلت أو في نهار ، مكِّيِّها ومدنيِّها ،
سفريِّها وحضريِّها ، ناسخها ومنسوخها ، محكمها ومتشابهها ، وتأويلها وتنزيلها ،
لأخبرتكم». فقام إليه رجل يُقال له : ذعلب ، وكان ذرب اللسان بليغاً في الخطب شجاع
القلب ، فقال : لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة ، لاُخجِّلنّه اليوم لكم في
مسألتي إيّاه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هل رأيت ربّك؟ فقال : «ويلك يا ذعلب!
لمْ أكنْ بالذي أعبدُ ربّاً لَمْ أره». قال : كيف رأيته؟ صفه لنا؟ قال : «ويلك!
لمْ ترَه العيون بمشاهدة الأبصار ، ولكنْ رأته القلوب بحقائق الإيمان. ويلك يا
ذعلب! إنّ ربّي لا يُوصف بالبُعد ولا بالقُرب ، ولا بالحركة ولا بالسّكون ، ولا
بقيام قيام انتصابٍ ولا بجيئة وذهاب. لطيفُ اللّطافة لا يُوصف باللّطف ، عظيمُ
العظمة لا يُوصف بالعظم ، كبيرُ الكبر لا يُوصف بالكبر ، جليلُ الجلالة لا يُوصف
بالغلظ ، رؤوفُ الرحمة لا
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 472