اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 456
المجلس الحادي والتسعون بعد
المئة
ينبغ في الأزمان على تعاقبها نوابغ
يمتازون عن سائر أهل زمانهم ، ولكن هؤلاء النوابغ متفاوتون في نبوغهم وصفاتهم التي
ميّزتهم عمّن سواهم ، سُنّة الله في خلقه. ومهما تكثّر النابغون في الأزمان
المتطاولة ، فنابغة الإسلام ، بل نابغة الكون المتفرّد في صفاته الفاضلة ومزاياه
الكاملة ، في علمه وحلمه ، وسياسته وعدله ، وفصاحته وبلاغته ، وشجاعته وإقدامه ،
وجهاده وصبره ، وجلده وقوته ، وأيده وزهده ، وعبادته واجتماع محاسن الأضداد فيه ؛
هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، ربيب رسول الله (ص) أكمل الخلائق ،
وخرّيجُه.
ذات علي (ع) ذاتٌ فذّة ، يعسر أو يمتنع
على الإنسان ، مهما أطال ومهما دقّق ، أنْ يُحيط بجميع ما فيها من سموٍّ وتميّز
على سائر الخلق. ومهما حاول الإنسان أنْ يُحيط بجميع صفاته قعد به العجز ، واستولى
عليه البهر ، ولكن لا يُترك الميسور بالمعسور.
نشأ علي (ع) في حجر رسول الله (ص) ،
وتأدّب بآدابه ورُبّي بتربيته ، وسبق النّاس إلى الإسلام.
بُعث النّبي (ص) يوم الاثنين ، وأسلم
عليٌّ (ع) يوم الثلاثاء ، ثمّ أسلمت خديجة ، وأقام مع النّبي (ص) بعد البعثة
ثلاثاً وعشرين سنة ، منها : ثلاث عشرة سنة في مكّة قبل الهجرة ، مشاركاً له في
مِحنه كلّها ، متحملاً عنه أكثر أثقاله ، وعشر سنين بالمدينة بعد الهجرة يُكافح
عنه ويُجاهد دونه ، وقتل الأبطال ، وضرب بالسيف بين يدي رسول الله (ص) ، وهو بين
العشرين إلى الخمس والعشرين سنة. هاجر إلى المدينة في المهاجرين الأوّلين ، وشهد
بدراً واُحداً ، والخندق وبيعة الرّضوان ، وجميع المشاهد مع
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 456