اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 432
المجلس الحادي والثمانون بعد
المئة
قال ابن أبي الحديد : روي أنّ الوليد بن
جابر بن ظالم الطائي كان ممّن وفد على رسول الله (ص) فأسلم ، ثمّ صحب عليّاً (ع)
وشهد معه صفّين ، وكان من رجاله المشهورين ، ثمّ وفد على معاوية بعد وفاة أمير
المؤمنين (ع) ودخل عليه في جملة النّاس ، فاستنسبه فانتسب له ، فعرفه معاوية ، فقال
له : أنت صاحب ليلة الهرير؟ قال : نعم. قال : والله ، لا تخلو مسامعي من رجزك تلك
الليلة ، وقد علا صوتك أصوات النّاس ، وأنت تقول :
شُدّوا فداءً لكُمُ اُمِّي وأبِ
فإنّما الأمرُ غَداً لمَنْ غلَبْ
هذا ابنُ عمِّ المُصطفَى والمُنتَجبْ
تنْميهِ للعلياءِ ساداتُ العربْ
ليسَ بموصُومٍ إذا نُصَّ النَّسبْ
أوّلُ مَنْ صلَّى وصامَ واقتَرَبْ
قال : نعم ، أنا قائلها. قال : فلماذا
قلتها؟ قال : لأنّا كنّا مع رجل لا نعلم خصلة توجب الخلافة ، ولا فضيلة تصير إلى
التقدمة إلاّ وهي مجموعة له. كان أوّل النّاس سلماً ، وأكثرهم علماً ، وأرجحهم
حلماً. فات الجياد فلا يشقّ غباره ، واستولى على الأمد فلا يخاف عثاره ، وأوضح
منهج الهدى فلا يبيد مناره ، وسلك القصد فلا تدرس آثاره. فلمّا ابتلانا الله تعالى
بافتقاده ، وحوّل الأمر إلى مَن يشاء من عباده ، دخلنا في جملة المسلمين ، فلم ننزع
يداً عن طاعة ، ولم نصدع صفاة جماعة ، على أنّ لك منّا ما ظهر ، وقلوبنا بيد الله
وهو أملك بها منك ، فاقبل صفونا وأعرض عن كدرنا ، ولا تُثر كوامن الأحقاد ؛ فإنّ
النار تقدح بالزناد. قال معاوية : وإنّك لتهددني يا أخا طيء ، بأوباش العراق؟! أهل
النفاق ومعدن الشقاق. فقال : يا معاوية ، هم الذين أشرقوك بالرّيق ، وحبسوك
بالمضيق ، وذادوك عن سُنن الطريق حتّى لذت منهم بالمصاحف ، ودعوت إليها مَن صدّق
بها وكذّبت ، وآمن بمنزلها وكفرت ، وعرف من تأويلها ما أنكرت. فغضب معاوية ، وأدار
طرفه
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 432