اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 422
المجلس السّابع والسّبعون
بعد المئة
قال المُرزُباني : كان الأحنف بن قيس
التميمي ـ رحمه الله ـ من خيار أصحاب علي (ع). روي : أنّ النّبي (ص) أنفذ رجلاً
يدعو بني سعد إلى الإسلام ، والأحنف فيهم ، فقال : والله ، إنّه يدعو إلى خير ،
وما أسمع إلاّ حسناً ، وإنّه ليدعو إلى مكارم الأخلاق ، وينهى عن ملائمها. فذُكر
ذلك الرجل للنبيِّ (ص) مقاله ، فقال (ص) : «اللهمّ ، اغفر للأحنف». وكان يقول :
هذا منْ أرجى عملي عندي. وحضر عند معاية فتكلّم جلساؤه ، والأحنف ساكت ، فقال له
معاوية : ما لك لا تتكلّم يا أبا بحر؟ فقال : أخاف الله إنْ كذبت ، وأخافكم إنْ صدقت.
وقال له معاوية مرّة : أنت صاحبنا بصفّين ، ومخذّل النّاس عن اُمّ المؤمنين. فقال
: والله ، إنّ قلوبنا التي أبغضناك بها يومئذ لفي صدورنا ، وإنّ سيوفنا التي
قاتلناك بها لعلى عواتقنا ، ولئن دنوت إلينا شبراً من غدر ، لندنونّ إليك ذراعاً
من ختر ، ولئن شئت لتصفونّ لك قلوبنا بحلمك عنّا. قال : قد شئت. وكان عنده يوماً ،
إذ دخل رجل من أهل الشام ، فقام خطيباً ، فكان آخر كلامه أنْ سبّ عليّاً (ع) ،
فأطرق النّاس ، فتكلم الأحنف وقال مخاطباً لمعاوية : إنّ هذا القائل ما قال لو
يعلم أنّ رضاك في شتم الأنبياء والمرسلين لما توقّف عن شتمهم ، فاتّقِ الله ودع
عنك عليّاً ؛ فقد لقي ربّه بأحسن ما عمل عامل. كان والله ، المبرّز في سبقه ،
الطاهر في خُلُقه ، الميمون النقيبة ، العظيم المصيبة ، أعلم العلماء وأحلم
الحلماء ، وأفضل الفضلاء ، ووصي خير الأنبياء. فقال معاوية : لقد أغضيت العين عن
القذى ، وقلت بما لا ترى ، وأيَم الله ، لتصعدنّ المنبر فتلعنه طوعاً أو كرهاً.
فقال : إنْ تعفيني ، فهو خير لك ، وإنْ تجبرني على ذلك ، فوالله ، لا يجري به
لساني أبداً. فقال : لا بدّ أنْ تركب المنبر وتلعن عليّاً. فقال : إذاً والله ،
لأنصفنّك وأنصفنّ عليّاً. قال : تفعل ماذا؟ قال : أحمد الله واُثني عليه واُصلّي
على نبيّه (ص) ، وأقول : أيها النّاس ، إنّ معاوية أمرني أنْ ألعن عليّاً ، وأنّ
عليّاً ومعاوية اقتتلا وادّعى كلّ منهما أنّه كان مبغياً عليه وعلى فئته ، فإذا
دعوت فأمّنوا على دعائي ، ثمّ أقول :
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 422