responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 380

يقول : قال رسول الله (ص) لعمّار : «تقتلك الفئة الباغية». فلمّا سمع ذو الكلاع أنّ عمّاراً مع علي (ع) اضطرب ، فقال له عمرو : إنّه سيرجع إلينا. ثمّ قُتل ذو الكلاع في اليوم الذي قُتل فيه عمّار ، فقال عمرو : والله يا معاوية ، ما أدري بقتل أيّهما أنا أشدّ فرحاً ، والله ، لو بقي ذو الكلاع حتّى يُقتل عمّار ، لمال بعامّة قومه إلى علي ، ولأفسد علينا جندنا. وقال معاوية : لأنا أشدّ فرحاً بقتل ذي الكلاع مني بفتح مصر لو فُتحت. ولمّا قُتل ذو الكلاع ، أقبل ولده إلى سعيد بن قيس الهمداني ، واستأذنه في أخذ جُثّة أبيه فأذن له ، فدخل من قِبل الميمنة ، فطاف في العسكر فلم يجده ، ثمّ أتى الميسرة فطاف في العسكر ، فوجده قد ربط رجله بطنب من أطناب فساطيط العسكر ، فوقف على باب الفسطاط ، فقال : السّلام عليكم يا أهل البيت. فقيل له : وعليك السّلام. وكان معه عبد له أسود لم يكن معه غيره ، فقال : أتأذنون لنا في طنب من أطناب فسطاطكم؟ قالوا : قد أذنّا لكم. ثمّ قالوا : معذرة إلى ربّنا عزّ وجل وإليكم ، أما إنّه لولا بغيه علينا ما صنعنا به ما ترَون. فنزل ابنه والعبد الذي معه إليه ـ وكان من أعظم النّاس خلقاً ، وقد انتفخ شيئاً ـ فلم يستطيعا احتماله ، فقال ابنه : هل من فتىً مِعوان؟ فخرج إليه خندف البكري ، فقال : تنحّوا. فقال له ابن ذي الكلاع : ومَن يحمله إذا تنحّينا؟ قال : يحمله الذي قتله. فاحتمله خندف ، ثمّ رمى به على ظهر البغل ، ثمّ شدّه بالحبال فانطلقوا به. يمثّل خِطاب ابن ذي الكلاع لأهل الفسطاط ، واعتذارهم إليه ، الرقَّة والشهامة ، والآداب والأخلاق الكريمة العربيّة ، وكانت النّاس ـ لا سيّما العرب ـ تحافظ على الميّت أو القتيل ، فتتوسل بكلّ وسيلة إلى دفنه وحفظ جسده ، لا سيّما إذا كان من أجلاّء النّاس. وجاء الدين الإسلامي بذلك ، فجعل حرمة المؤمن ميتاً كحرمته حيّاً ، لكنّ ابن سعد وابن زياد وحزبهما ، لمّا قتلوا الحسين (ع) وأصحابه ، شوّهوا وجه الأخلاق العربيّة ، ولم يراعوا حرمة الدّين وحرمة الإسلام ، ولا حرمة رسول الله (ص) ، وهم يدّعون الإسلام. فأقبل ابن سعد على قتلاه فدفنهم ، وترك الحسين (ع) وأصحابه بلا دفن ، مطرّحين على وجه الأرض جثثاً بلا رؤوس ، تصهرهم الشمس ، وتسفي عليهم السّوافي من الرمال حتّى بقوا على هذه الحالة ثلاثة أيام ، إلى أن جاء بنو أسد فدفنوهم :

ثَوَوا عَطاشَى على البوغاءِ تحسَبُهُمْ

تحتَ الدُّجَى في الفيافي الأنجُمَ الشُّهبَا

مُجرَّدينَ على الرمضاءِ قدْ لبسُوا

منَ المَهابةِ أبراداً لها قُشبا

مُضرَّجينَ بمُحْمرِّ النَّجيعِ بنَى

نَبلُ العِدى والقنَا منْ فوقِهمْ قُبَبا

اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 380
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست