اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 369
المجلس السّادس والخمسون بعد
المئة
عن ابن عبّاس ، قال : عقمُت النّساء أنْ
يأتين بمثل علي بن أبي طالب (ع)! فوالله ، ما كشفت ذيولهنّ عن مثله ، وقد شهدته
يوم صفّين وعلى رأسه عمامة سوداء ، وعيناه كأنّهما سراجاً سليطاً يتوقّدان من
تحتها ، وهو يقف على كلّ شِرْذِمة يحرّضهم على الحرب ، إذْ طلعت علينا خيل لمعاوية
، وهي عشرة آلاف دارع على عشرة آلاف أشهب ، فاقشعرّ النّاس لمّا رآوها ، وانحاز
بعضهم إلى بعض. قال أمير المؤمنين (ع) : «فيمَ الهلعُ والنَّخعُ يا أهل العراق! هل
هي إلاّ أشخاصٌ ماثلة فيها قلوبٌ طائرة ، لو مسّتها سيوف أهل الحقِّ لتهافتت تهافت
الفراش في النّار ، سفّتها الريح في يوم عاصف ، فادَّرعوا الصَّبر وغُضّوا الأصوات
، وقلقلوا الأسياف في الأغماد ، وصلوا السّيوف بالخُطا ، والرماح بالنّبال ؛
فإنّكم بعين الله ومع أخي رسول الله (ص). وعليكم بهذا السّرادق الأدلم ، والرواق
المُظلم ، فاضربوا ثبجه ؛ فإنّ الشيطان راقد في كسره ، نافج حضنيه ، مفترش ذراعيه
، قد قدّم للوثبة يداً ، وأخَّر للنكوص رجلاً. ألا إنّ خِضاب النّساء الحَنّاء ،
وخضاب الرجال الدماء ، فصمداً صمداً حتّى ينجلي لكم عمود الحقِّ وأنتم الأعلَون ،
فشِدّوا على اسم الله تعالى». ثمّ حمل (ع) وتبعته خويلة لم تبلغ المئة فارس ، وهو (ع)
يقول :
دبُّوا دَبيْبَ النَّملِ لا تفُوتُوا
وأصبِحُوا بحربِكُمْ وبيتُوا
حتّى تنالُوا الثأرَ أو تَموتُوا
أو لا فإنّي طالما عُصِيت
قال : فأجالها أبو الحسن جَوَلان الرّحا
، فارتفعت عجاجة منعتني النّظر ، فلم أرَ إلاّ رأساً نادراً ويداً طائحة ، فما كان
أسرع من أنْ ولّى أهل الشام مدبرين : كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ
مِنْ قَسْوَرَةٍ وإذا بأمير المؤمنين (ع) يمسح العلق عن ذراعيه ، وسيفه ينطف دماً
، ووجهه كشقة القمر الطالع ، وهو يقول : «فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ
إِنَّهُمْ لاَ
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 369