اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 365
المجلس الرابع والخمسون بعد
المئة
روى غير واحد من المؤرخين ، عن أبي
الأغر التميمي قال : إنّي لَواقف يوم صفّين ، إذ مرّ بي العبّاس بن ربيعة بن
الحارث بن عبد المطلب وهو شاكٍ في السّلاح ؛ على رأسه مغفر ، وبيده صفيحة يمانية
يقلّبها ، وهو على فرس له أدهم ، وكأنّ عيناه عيني أفعى. فبينا هو يروّض فرسه
ويلين من عريكته ، إذ هتف به هاتف من أهل الشام يُقال له غرار : هلمّ يا عبّاس إلى
البزاز. قال : فالنّزول إذاً ؛ فإنّه أبأس من القفول. فنزل الشامي وهو يقول :
إنْ ترْكَبُوا فركوبُ الخيلِ عادتُنَا
أو تَنْزلُوا فإنّا معْشرٌ نُزُلُ
وثنى العبّاس رجله ، ثمّ عصب فضلات درعه
في حجزته ودفع فرسه إلى غلام له أسود ، ودلف كلّ واحد منهما إلى صاحبه. قال أبو
الأغر : فذكرت قول أبي ذؤيب :
فتَنازلا وتواقَفتْ خيلاهُمَا
وكلاهُمَا بطلُ اللّقاءِ مُجدِّع
ثمّ تكافحا بسيفهما مليّاً ، لا يصل
واحد منهما إلى صاحبه ؛ لكمال لامته ، إلى أنْ لحظ العبّاس وهناً في درع الشامي ،
فأهوى إليه بيده فهتكه إلى صدره ، ثمّ عاد لمجاولته وقد أصحر له مفتق الدرع ،
فضربه العبّاس ضربة انتظم بها جوانح صدره ، وخرّ الشامي صريعاً لخلده ، وسما
العبّاس في النّاس ، وكبّر النّاس تكبيرة ارتجّت لها الأرض. قال أبو الأغر : فسمعت
قائلاً يقول من ورائي : (يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ
بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ
مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ
يَشَاءُ)
فالتفت فإذا هو أمير المؤمنين (ع) ، فقال (ع) : «يا أبا الأغر ، مَن المبارز
لعدوّنا؟». قلت : العبّاس بن ربيعة. قال (ع) : «يا عبّاس». قال : لبيك. قال (ع) : «ألمْ
أنهك ، وحسناً وحسيناً
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 365