اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 359
المجلس الحادي والخمسون بعد
المئة
من مواقف أمير المؤمنين (ع) في وقعة
صفّين ، ما كان يوم الهرير. قال بعض الرواة : فوالذي بعث محمّداً بالحقِّ نبيّاً ،
ما سمعنا برئيس قوم ، منذ خلق الله السّماوات والأرض ، أصاب بيده في يوم واحد ما
أصاب علي (ع) ؛ إنّه قتل ـ فيما ذكر العادّون ـ زيادةً على خمسمئة من أعلام العرب
، يخرج بسيفه منحنياً ، فيقول : «معذرة إلى الله وإليكم من هذا ، لقد هممت أنْ
أفلقه ولكن يحجزني عنه أنّي سمعت رسول الله (ص) ، يقول : لا سيف إلاّ ذو الفقار ،
ولا فَتَى إلاّ علي. وأنا اُقاتل دونه». قال : فكنّا نأخذه فنقوّمه ، ثمّ يتناوله
من أيدينا فيقتحم به في عرض الصفّ ، فلا والله ، ما ليثٌ بأشد نكاية منه في عدوه ،
وكان في أوائل أيام صفّين يسهر الليل كلَّه إلى الصباح يُعبئ الكتائب ، ويأمر
الاُمراء ، ويعقد الألوية. ومرّ في اليوم السّابع ، ومعه بنوه ، نحو الميسرة
والنّبل يمرّ بين عاتقيه ومنكبيه ، وما من بنيه إلاّ مَن يقيه بنفسه ، فيكره علي (ع)
ذلك ، ويتقدّم نحو أهل الشام ويؤخر الذي يقيه إلى ورائه. وجاء أحمر مولى بني
اُميّة يوم صفّين ، وقال لأمير المؤمنين (ع) : قتلني الله إنْ لمْ أقتلك. فخرج
إليه كيسان مولى علي (ع) فقتله أحمرُ ، وأراد أن يضرب أمير المؤمنين (ع) بالسّيف ،
فانتهزه أمير المؤمنين (ع) ووضع يده في جيب درع أحمر ، فجذبه عن فرسه وحمله على
عاتقه. قال الراوي : فوالله ، لكأنّي أنظر إلى رجلي أحمر تختلفان على عنق علي (ع)
، ثمّ ضرب به الأرض فكسر منكبيه وعضديه ، وشدّ الحسين ومحمد بن الحنفيّة عليهماالسلام فضرباه بأسيافهما
حتّى برد ، وبقي الحسن (ع) واقفاً مع أبيه ، فقال (ع) له : «ما منعك أن تفعل كما
فعل أخواك؟». قال : «كفياني يا أمير المؤمنين». ثمّ دنا أهل الشام من أمير
المؤمنين (ع) يريدونه. قال الراوي : فوالله ، ما يزيده قربهم منه ودنوهم إليه سرعة
في مشيه. فطلب منه الحسن (ع) أن يسرع في مشيه ليلحق بربيعة ، فقال له : «يا بني ،
إنّ لأبيك يوماً لنْ يعدوه ، ولا يُبطئ به عنه السَّعي ، ولا يُقرِّبه
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 359