اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 343
المجلس الخامس والأربعون بعد
المئة
روى نصر بن مزاحم في كتاب صفّين : عن
عبد الرحمن بن عوف الأحمر ، قال : لمّا قدمنا على معاوية وأهل الشام بـ (صفّين) ،
وجدناهم قد نزلوا منزلاً اختاروه بساطاً واسعاً ، وأخذوا الشريعة فهي في أيديهم ،
وقد صفّ أبو الأعور عليها الخيل والرجّالة ، وقد أجمعوا أنْ يمنعونا الماء. ففزعنا
إلى أمير المؤمنين (ع) فأخبرناه بذلك ، فدعا صعصعة بن صوحان ، فقال : «ائت معاوية
، فقل إنّا سرنا مسيرنا هذا ، وأنا أكره قتالكم قبل الإعذار إليكم ، وإنّك قد قدمت
بخيلك فقاتلتنا قبل أنْ نقاتلك ، وبدأتنا بالقتال ونحن من رأينا الكفّ حتّى ندعوك
ونحتّج عليك ، وهذه اُخرى قد فعلتموها ؛ حلتم بين النّاس وبين الماء ، فخلِّ بينهم
وبينه حتّى تنظر فيما قدمنا له ، وإنْ كان أحبّ إليك أنْ ندع ما جئنا له ، وندع
النّاس يقتتلون على الماء حتّى يكون الغالب هو الشارب فعلنا». فقال معاوية لأصحابه
: ما ترَون؟ قال الوليد بن عقبة : امنعهم الماء كما منعوه ابن عفّان ، اقتلهم
عطشاً قتلهم الله. قال عمرو بن العاص : خلِّ بين القوم وبين الماء ؛ فإنّهم لن
يعطشوا وأنت ريّان ، ولكن لغير الماء فانظر. فأعاد الوليد مقالته وقال لعبد الله
بن أبي سرح : امنعهم الماء إلى الليل ؛ فإنّهم إنْ لمْ يقدروا عليه رجعوا وكان
رجوعهم هزيمتهم ، امنعهم الماء منعهم الله إيّاه يوم القيامة. فقال صعصعة : إنّما
يمنعه اللهُ يوم القيامة الكفرةَ الفجرة شَرَبة الخمر مثلك ومثل هذا الفاسق ـ يعني
: الوليد بن عقبة ـ. فوثبوا إليه يشتمونه ويتهدّدون. فقال معاوية : كفّوا عن الرجل
؛ فإنّه رسول. فقال صعصة لمعاوية : ما تردّ عليّ؟ قال : سيأتيكم رأيي. قال الراوي
: فوالله ، ما راعنا إلاّ تسوية الرجال والخيل والصفوف ، وأرسل إلى أبي الأعور
امنعهم الماء. فقام رجل من أهل الشام من همدان إلى معاوية ، وكان ناسكاً ، فقال :
سبحان الله! إنْ سبقتم القوم إلى الفرات تمنعوهم عنه ، أما والله ، لو سبقوكم إليه
لسقوكم منه ، أما تعلمون أنّ فيهم العبد والأجير والضعيف؟! هذا والله ، أوّل
الجور. فأغلظ له معاوية ، فسار الهمداني في سواد
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 343